المقدم: مستمعينا الكرام أهلًا ومرحبًا بكم إلى هذه الفقرة الأسبوعية “زدني علمًا”، مع معالي الشيخ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أسعد الله صباحك بالخيرات، وأهلًا ومرحبًا بك شيخنا.
الشيخ: أهلًا حياكم الله، وصبحكم الله بالخير، وصبح الله الإخوة المستمعين بالخيرات والمسرات.
المقدم: موضوعنا اليوم يا شيخ سعد نستند فيه على ما صدر من وزارة العدل فيما يتعلق بإحصائيات الطلاق، وهي الحقيقة كما أشارت الوزارة أنها إحصائيات مرتفعة ومخيفة، فيما يتعلق بآخر إحصائية أظن أذكر وصلت إلى تسعة وعشرين بالمائة تقريبًا نسبة الطلاق في العام، فتوجيهكم فيما يتعلق بهذا الموضوع.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
المقدم: فما أشرتم إليه من الإحصائية التي نشرتها وزارة العدل، ومن أن عدد حالات الطلاق في المملكة في عام واحد في العام الماضي ألف وأربعمائة وسبع وثلاثين للهجرة بلغت أربعين ألف حالة طلاق.
ويعني هذه الدراسة صادرة من جهة رسمية، والحقيقة أن هذا الموضوع يحتاج إلى وقفة، ويحتاج إلى معالجة، ويحتاج إلى عناية من العلماء والدعاة والخطباء، ومن أرباب التوجيه والإرشاد، ومن الأخصائيين الاجتماعيين.
فارتفاع نسب الطلاق إلى هذه الدرجة يحتاج إلى معرفة أسباب كثرة حوادث الطلاق، الطلاق هو لا بد أن يحصل، يعني في كل زمان ومكان، لكن الملفت للنظر هو ارتفاع هذه النسبة، فالطلاق الآثار المترتبة عليه كبيرة جدًّا، الطلاق يؤثر على الأسرة تأثيرًا بليغًا، وينبغي ألا يلجأ إليه إلا عند الضرورة.
فكما يقال: إن الكي هو آخر العلاج، كذلك أيضًا الطلاق لا يكون إلا عندما تستنفذ جميع الحلول.
فالرجل والمرأة بينهما شركة حياة، فالرجل شريك للمرأة في حياتها، والمرأة شريكة للرجل في حياته، وبينهما اختلاف في الطبائع، فلا بد أن يعي كل طرف طبيعة هذا الاختلاف، خاصة الرجل لا بد أن يدرك أن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، وأنها لن تستقيم له على طريقة، وأنه لا بد من أن يصبر عليها، وإلا إذا أراد حياة كاملة من غير منغصات، فإن هذا غير ممكن؛ ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: خُلقت المرأة من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه [1]، ومراده بأن أعوج ما في الضلع أعلاه، يعني: أن العوج في المرأة في لسانها، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج، وكسرها طلاقها.
فالذي يريد المثاليات والحياة المثالية الكاملة، هذا غير ممكن في هذه الحياة الدنيا، هذه الحياة الدنيا طبيعتها أن الإنسان خُلق في كبد، فهو يكابد مصاعب الحياة ومتاعبها، فلا بد من الصبر، وارتفاع نسب الطلاق الحقيقة لا بد أن نقف وقفة مع أسباب حدوث الطلاق، وأسباب أيضًا ارتفاع نسب الطلاق في وقتنا الحاضر.
فيعني من أبرز الأسباب:
- سوء العشرة بين الزوجين، وقد يكون السبب الزوج، وقد يكون السبب الزوجة، وقد يكون السبب من الطرفين جميعًا، فسوء العشرة ينكد الحياة الزوجة، فإذا كان الزوج سيئ الخلق، أو أن المرأة سيئة الخلق، فهذا يكدر الحياة الزوجية، وربما يعني يقلبها جحيمًا، ولا تتحقق الأهداف المرجوة من النكاح.
الأهداف المرجوة: أن يحصل الاستقرار الأسري والعاطفي لكل من الزوجين، لكن أحيانًا يكون سوء العشرة سببًا لعدم تحقيق هذا الاستقرار. - قد يكون من الأسباب أيضًا: تقصير الزوج في النفقة، وهذا يعني وجدته من خلال استفتاءات بعض النساء، يقصر الزوج في النفقة، ويكون بخيلًا، ويسبب هذا مشاكل.
- أيضًا من الأسباب: سوء الظن، قد يكون بعض الأزواج عنده سوء ظن غير مبرر، فيتسبب في تنكيد الحياة الزوجية، وتنعدم الثقة بين الزوجين، فيكون هذا سببًا لوقوع الطلاق.
- وقد يكون السبب التدخل في حياة الزوجين من قبل أهل الزوج، أو من قبل أهل الزوجة، وقد يكون السبب غير ذلك، فيعني لا بد عندما نجد حالة شارفت على وقوع الطلاق أن ندرس الأسباب، ما هو سبب وصول حياة هذين الزوجين إلى هذه المرحلة؟ إلى مرحلة أن الزوج يفكر بالطلاق، وأن المرأة تفكر في أن تطلب الطلاق من زوجها؟ ما هو السبب؟ هل السبب سوء العشرة؟ هل السبب النفقة؟ هل السبب التدخلات الخارجية؟ هل السبب غير ذلك؟
لا يمكن علاج أي مشكلة ما لم تعرف أسبابها، فإذن الطريق الأول لمعالجة مشاكل الطلاق هو التعرف على أسباب الطلاق، فإذا أمكن تشخيص سبب المشكلة بين الزوجين أمكن بعد ذلك معالجتها.
المقدم: نعم، لا شك أن الحكمة مطلوبة ابتداء من الخطوة الأولى في معرفة السبب، ومن ثم في التعامل معه، حتى لا يكون الحل هو الطلاق.
الشيخ: نعم.
المقدم: شكر الله لكم معالي الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في هذه الإشارة إلى موضوعنا في هذه الحلقة، وهذه الزاوية عن الطلاق.
فهذه التحايا لكم مستمعينا الكرام من زميلي من التسجيل عثمان بن عبدالكريم الجويبر، والملتقى بكم إن شاء الله في أسبوع قادم، الآن عودة إلى الزملاء وبقية فقرات هذا البرنامج.
الحاشية السفلية
^1 | رواه البخاري: 3331، ومسلم: 1468. |
---|