المقدم: حياكم الله مستمعينا الكرام إلى هذه الفقرة الأسبوعية فقرة “زدني علمًا”، مع معالي الشيخ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حياك الله يا شيخ سعد.
الشيخ: أهلًا حياكم الله، وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: شيخ سعد الأسبوع الماضي كان الحديث عن موضوع الأيمان والتساهل بها، وعلى صلة بهذا الموضوع ما انتشر بكثرة وهو الحلف بالطلاق، كنت أريد أن أسألك في الأسبوع الماضي إذا كان أيضًا يدخل ضمن موضوع الحلف للإكرام؛ لأنه كثير ما يستخدم الحلف بالطلاق عند الدعوة، وتقديم الهدية، وقبولها، وغير ذلك، دعنا نفصل في هذا النوع بالذات من الحلف.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالحلف بالطلاق انتشر في الوقت الحاضر انتشارًا كبيرًا، وربما يكون من أبرز أسباب انتشاره هو شيوع الفتوى بأن الطلاق المعلق لا يقع، وأن فيه كفارة يمين؛ ولذلك تجد أنه يحلف بالطلاق، ويعلق أمرًا على الطلاق باعتبار أنه لا يقع.
والطلاق المعلق الذي يقصد صاحبه به الحث، وبعض العلماء يعبر بالحمل، ويقصد به الحث أو المنع، أو التصديق أو التكذيب، جماهير أهل العلم على أن الطلاق يقع، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، فهم يرون أنه يقع.
والقول الثاني في المسألة: هو قول لبعض أهل العلم: أنه لا يقع، وهو الذي قرّره أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وقد كانت الفتوى عندنا في المملكة على قول الجمهور أنه يقع إلى وقت ليس بالبعيد، ولما أتى شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى، وأفتى بعدم وقوع الطلاق المعلق، فتبعه على ذلك بقية المشايخ، ثم أصبحت هذه هي الفتوى السائدة في العالم الإسلامي.
يعني سبحان الله انتقلت الفتوى في العالم الإسلامي بالطلاق المعلق على رأي ابن تيمية رحمة الله تعالى على الجميع، لكن قول الجمهور ينبغي ألا يغيب، وأن يبرز للعامة؛ لأننا نسمع في المجلس الواحد ربما أكثر من شخص يحلف بالطلاق، فهذا يحلف بالطلاق: والله يقول: عليه الطلاق إن لم تأكل ذبيحته، والآخر يقول: عليه الطلاق مثلًا إن كان هذا الخبر غير صحيح، أو أنه يهدد زوجته يقول: إن ذهبت لكذا فأنت طالق، إن فعلت كذا فأنت طالق.
فبعض الناس أصبح الطلاق على لسانه في مدخله ومخرجه، يهدد به امرأته، إذا أراد أن يكرم ضيفًا حلف بالطلاق، إذا أراد أن يفعل أمرًا حلف بالطلاق.
بل إن الأمر بلغ ببعض الناس أنه يرى أن الناس لا يرونه كريمًا إلا إذا حلف بالطلاق، فإذا دعا لوليمة إن لم يحلف بالطلاق معنى ذلك أنه غير جاد في دعوتهم للوليمة، وهذا كله من الجهل، هذا غير صحيح.
وإذا حلف الإنسان بالطلاق في الدعوة لوليمة، أو لتأكيد أمر، أو لتصديق خبر، أو للحث، أو المنع، أو للتهديد، فأكثر أهل العلم على وقوع الطلاق؛ ولذلك ينبغي أن يبرز قول جماهير أهل العلم لهذا الذي حلف بالطلاق.
ومن حصل منه ذلك يقال له: اذهب إلى دار الإفتاء حتى تفتيك، وحتى يوعظ هذا الشخص، وحتى لا يتكرر منه هذا الأمر.
لكن من الناحية النظرية، وليس من جهة الفتوى، الطلاق المعلق فيه هذان القولان، والأرجح وهو الذي عليه الفتوى أنه لا يقع، لكن يكون فيه كفارة يمين، فحتى هذا الشخص نقول: حتى لو لم يقع الطلاق عليك كفارة يمين، فلا بد أن تكفر كفارة يمين، لكن بعض الناس لا يبالي.
المقدم: … محل اللغو، كأنه لغو يعني لا يقع ولا يكفر.
الشيخ: نعم، تجد أنه في المجلس الواحد، ونحن رأينا عبر المقاطع في وسائل التواصل الاجتماعي في المجلس الواحد أكثر من شخص يحلف بالطلاق، هذا يحلف بالطلاق تأخذ هذه الهدية، وهذا يحلف بالطلاق أنك ما تأخذها، وهذا يتدخل ويحلف بالطلاق لأمر آخر، فيسمع الحلف بالطلاق في المجلس الواحد يمكن ثلاث أو أربع مرات أو أكثر، وهذا لا شك أنه من التلاعب بحدود الله .
هذا العمل لا يجوز؛ ولذلك فهؤلاء ينبغي أن يقال لهم: إن أكثر أهل العلم يرون وقوع الطلاق، وأنك إذا أردت الفتوى اذهب إلى دار الإفتاء، وحتى لو أفتيت بعدم وقوع الطلاق، فلا بد من أن تكفر كفارة يمين، فينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه، وألا يحلف وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] وإذا احتاج للحلف فيحلف بالله مراعيًا هذه اليمين، إن بر بيمينه وتحقق ما حلف عليه، وإلا كفر كفارة يمين.
المقدم: نعم، شكر الله لكم معالي الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، متحدثًا في جزئية الحلف بالطلاق في مواصلة لموضوعنا في الأسبوع الماضي عن التساهل بالأيمان، شكرًا لكم شيخ سعد.
الشيخ: وشكرًا لكم، وللإخوة المستمعين.
المقدم: هذه تحية زميلي من التسجيل عثمان بن عبدالكريم الجويبر، والملتقى بكم في الأسبوع القادم إن شاء الله مستمعينا الكرام، والآن عودة لزملائي في الاستديو، وبقية فقرات هذه الحلقة.