السائل للمال إن علم أنه فقير فينبغي أن يعطى، وإن علم أنه غني محتال فلا يعطى، بل يوبخ، ويرفع أمره للجهة المختصة، أما إن جهل حاله، فالأصل أنه يعطى. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج: 24، 25]. وذكر مؤذن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (… ما وقف في مسجدنا سائل يسأل إلا وتصدق عليه)[1].
الحاشية السفلية
^1 | ترجمة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، لابن قاسم (ص ١٧٢). |
---|
العزاء ليس له أيام محدودة، بل يشرع من حين خروج الروح قبل الصلاة على الميت وبعدها، وليس لغايته حد في الشرع المطهر، سواء كان ذلك ليلاً أو نهاراً، وسواء كان ذلك في البيت أو في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة، أو في غير ذلك من الأماكن[1].
الحاشية السفلية
^1 | مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز. |
---|
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن أن بعض الناس يكون مقيماً في مدينة إقامة دائمة، وقبل وفاته يوصي بدفنه في مسقط رأسه: هل يلزم الورثة الوفاء بهذه الوصية؟ فأجاب: (المشروع دفنه في بلده التي مات فيها إذا كانت بلداً إسلامية، ولا يشرع نقله إلى غيرها، ولا يلزم الورثة تنفيذ وصية من أوصى بنقله؛ لعدم الدليل على ذلك؛ ولأن ذلك يخالف ما درج عليه سلف الأمة، ولما في ذلك من الكلفة)[1].
الحاشية السفلية
^1 | مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (١٣/ ٢٠). |
---|
قرر المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي: أن المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش: يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً، إذا قررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء أن التعطل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً، بفعل الأجهزة المركبة، لكن لا يحكم بموته شرعاً، إلا إذا توقف التنفس والقلب، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة[1].
وجاء في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية: (إذا كان المريض مصاباً بالشلل الدماغي، ولا يرجى شفاؤه، فيجوز بقرار من ثلاثة أطباء متخصصين فأكثر، رفع أجهزة الإنعاش عنه، لكن لايجوز الحكم بموته حتى يعلم ذلك بالعلامات الظاهرة الدالة على موته، أما موت الدماغ، فلا يعتمد عليه في الحكم بموته)[2].
موت الدماغ مثار جدل كبير بين الفقهاء المعاصرين والأطباء، وكثير من الأطباء يعتبرونه موتاً حقيقياً، وأما الفقهاء المعاصرون فأكثرهم لايعتبرونه موتاً، ومنهم من يعتبره موتاً، وعلى ذلك اختلف المجمعان، فمجمع الفقه الدولي (بمنظمة التعاون الإسلامي) يعتبره موتاً حقيقياً، والمجمع الفقهي (برابطة العالم الإسلامي) لايعتبره موتاً، والقائلون بأنه ليس موتاً بالمعنى الشرعي -والذي هو مفارقة الروح للجسد– يقولون: إن الميت دماغياً درجة حرارته وضغطه، كالإنسان المعافى، ويتبول ويتغوط ويتعرق.. الخ، وهذه القرائن وغيرها تدل على أن روحه لم تفارق جسده بعد، والقائلون بأنه موت بالمعنى الشرعي، يقولون: حياته هذه حياة نباتية على الأجهزة، ولا يعلم أن من مات دماغياً رجعت له الحياة، وما يذكر من قصص في هذا، فهي ترجع إلى خطأ في التشخيص.
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – عن حكم قراءة يس عند الميت؟
فقال: (جاء في حديث فيه ضعف: «اقرؤوا على موتاكم يس»[1]. يعني عند المحتضرين، ولكن الحديث ضعيف، فلا تسن على الصحيح؛ لعدم صحة الحديث، وبعض أهل العلم ظن صحته فاستحبها، لكن الحكم بأنها سنة يحتاج إلى دليل، والحديث ضعيف عند أهل التحقيق)[2].
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن قول بعض الأشخاص عندما يعود أحد المرضى: (ما تستاهل) وقول بعض الأشخاص عندما يسمع أن فلاناً من الناس مريض، يقول: والله ما يستاهل؟ فأجاب: (هذا اللفظ لا يجوز؛ لأنه اعتراض على الله سبحانه، وهو سبحانه أعلم بأحوال عباده، وله الحكمة البالغة فيما يقضيه ويقدره على عباده من صحة ومرض، ومن غنى وفقر وغير ذلك. وإنما المشروع أن يقول: عافاه الله وشفاه الله، ونحو ذلك من الألفاظ الطيبة)[1].
الحاشية السفلية
^1 | مجموع فتاوى الشيخ (٨/ ٤٢١). |
---|
اجتماع أهل الميت في مكان لاستقبال المعزين لا بأس به، لكن من غير توسع وإقامة ولائم وسرادقات ونحوها، والسنة أن يصنع لهم طعام؛ لقول النبي : ابعثوا لآل جعفر طعاما، فقد أتاهم ما يشغلهم[1]. قال أبوداود: سمعت أحمد سئل عن الطعام على الميت؟ قال: (يعمل لهم، ولا يعملون هم)[2]. أما كون بعض الناس ينكر مجرد الاجتماع فهو قول لبعض العلماء، والأقرب أنه لا بأس به؛ لكونه يحقق مقصداً شرعياً من التكافل وجبر المصاب والوقوف معه وقت شدة المصيبة، أما حديث جرير: «كنا نعد الاجتماع وصنعة الطعام لأهل الميت من النياحة»[3]. فقد رواه ابن ماجه، لكنه ضعيف، وقد سئل عنه الإمام أحمد فقال: ما أرى لهذا الحديث أصلاً[4].
الحاشية السفلية
^1 | أخرجه الإمام أحمد في المسند، مسند أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين، من حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، مسند أحمد ط الرسالة (3/ 280)، برقم (1751)، والترمذي في سننه، أبواب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت، سنن الترمذي ت بشار (2/ 314)، برقم (998)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، سنن ابن ماجه (1/ 514)، برقم (1610). |
---|---|
^2 | مسائل أبي داود (ص ١٩٠). |
^3 | أخرجه الإمام أحمد في المسند، مسند المكثرين من الصحابة، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، مسند أحمد ط الرسالة (11/ 505)، برقم (6905)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام، سنن ابن ماجه (1/ 514)، برقم (1612). |
^4 | مسائل أبي داود (ص ٢٩٢). |
قول النبي : إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه[1]. لايعارض قول الله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: 164]. فإنه لم يقل: إن الميت يعاقب ببكاء أهله عليه، بل قال: يعذب والعذاب أعم من العقاب، فإن العذاب هو الألم، وليس كل من تألم بسبب كان ذلك عقاباً له على ذلك السبب، فإن النبي قال: السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه[2]، فسمى السفر عذاباً، وليس هو عقاباً على ذنب[3].
الحاشية السفلية
^1 | أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، صحيح البخاري (2/ 84)، (1304)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، صحيح مسلم (2/ 638)، (927). |
---|---|
^2 | أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب السفر قطعة من العذاب، صحيح البخاري (3/ 8)، برقم (1804)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب السفر قطعة من العذاب، واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله بعد قضاء شغله، صحيح مسلم (3/ 1526)، برقم (1927). |
^3 | مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٤/٣٧٠). |
الاستسقاء بدعاء الصالحين مأثور عن السلف، وقد طلب الصحابة في عهد عمر من العباس أن يستسقي لهم فسقوا ، وفي عهد معاوية قحط الناس فخرج معاوية يستسقي بالناس، وقال: أين يزيد بن الأسود؟ فقام يزيد وطلب منه أن يستسقي بالناس، ففعل، فثارت سحابة مثل الترس وسقوا، وفي تراجم بعض الرواة نجد أنهم يوصفون بأنهم يستسقى بهم، قال ابن عيينة: حدثنا رجلان صالحان يستسقى بهما: ابن عجلان ويزيد بن جابر. وقال ابن حبان في صحيحه: (باب ذكر مايستحب للإمام إذا أراد الاستسقاء أن يستسقي الله بالصالحين رجاء استجابة الدعاء لذلك)[1]، ومن هنا فينبغي أن يختار للاستسقاء بالناس من عرفوا بالورع والتقوى ممن ترجى إجابة دعوتهم.
الحاشية السفلية
^1 | (7/ 110). |
---|