الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو الدرس الثاني في المفطرات المعاصرة، وسأتحدث معكم في هذا الدرس عن أثر استخدام علاج الربو على الصيام، وأيضًا عن الأقراص التي توضع تحت اللسان.
أثر استخدام علاج الربو على الصيام
أما بالنسبة لعلاج الربو، فعلاج الربو أنواع، من أشهر أنواعه استخدام بخاخ الربو، فهذا البخاخ يكون في عبوة، ويضعها المصاب بالربو يبخ منها في فمه، ويستنشق هذا البخاخ.
والهدف منه: توسيع الشعب الهوائية، هذا البخاخ هل له أثر على الصيام أم لا؟
اختلف العلماء في هذه المسألة:
- فمنهم من قال: إن هذا البخاخ يفسد الصيام، وقالوا: لأنه ينفذ منه جزء يسير إلى المعدة.
- وقال أكثر العلماء المعاصرين: إن هذا البخاخ لا يفسد الصيام، وليس له أثر على صحة الصيام، بل الصيام معه صحيح، قالوا: لأن هذا البخاخ ليس أكلًا ولا شربًا، وليس في معنى الأكل والشرب؛ ولأن معظم هذا البخاخ إنما يذهب للقصبة الهوائية؛ ولمجاري النفس، ولا يذهب للمعدة منه إلا شيء يسير جدًّا.
والقول الراجح هو القول الثاني: وهو: أنّ بخاخ الربو لا يفسد الصيام، وأنه لا بأس للمصاب بالربو أن يستخدم هذا البخاخ، وأما ما ذكره القائلون بالتفطير من أنه ينفذ منه شيء يسير إلى المعدة، فالجواب عن ذلك: أن هذا الشيء الذي يذهب للمعدة هو شيء يسير جدًّا، معفو عنه، قياسًا على ما يبقى من أثر ملوحة الماء بعد المضمضة، فإن الصائم عندما يتوضأ ويتمضمض أثناء الوضوء لصلاة الظهر أو العصر مثلًا يبقى شيء من أثر الملوحة في فمه، ويختلط بالريق، وهو معفو عنه بالإجماع، فإذا كان هذا معفو عنه بالإجماع، فكذلك أيضًا ما يذهب للمعدة من بخاخ الربو، بل إن ما يذهب للمعدة من بخاخ الربو هو أقل بكثير من أثر ملوحة الماء التي تختلط بالريق، ويبتلعها الصائم، ومعفو عنها بالإجماع، وبذلك يتبين أن بخاخ الربو لا يفسد الصيام، ولا بأس باستخدامه للصائم.
هناك نوع آخر من علاج الربو، وهو ما يكون على شكل كبسولات، ويكون فيها بودرة، أو مثل البودرة، أو الطحين الدقيق، يضعها في فمه، فتختلط بالريق فيبتلعها، وهذه مفسدة للصيام؛ لأن لها جرمًا، فيبتلعها، فهي أشبه بالطعام أو الشراب، هذه كما لو تناول دواءً، فإن صيامه يفسد، فهذا النوع من علاج الربو هذا يفسد الصيام.
أثر الأقراص التي توضع تحت اللسان
وأما بالنسبة للأقراص التي توضع تحت اللسان، هذه يستخدمها غالبًا المصابون بأمراض القلب، فيأتون بهذه الأقراص، ويضعونها تحت اللسان، ويمتصها الجلد تحت اللسان، وهذه محل خلاف بين العلماء، هل تفسد الصيام أم لا؟
والقول الراجح: أنها لا تفسد الصيام؛ وذلك لأنها ليست أكلًا ولا شربًا، وليست في معنى الأكل ولا الشرب، والأصل هو صحة الصيام، ولا نعدل عن هذا الأصل إلا بأمر واضح.
والأصل أن من تعبد لله بالإمساك عن المفطرات أثناء النهار أن صيامه صحيح، فلا نقول: إن صيامه قد فسد إلا بأمر واضح، فوضع مثل هذه الأقراص تحت اللسان هو ليس من المنصوص عليه من المفطرات، وليس في معنى المنصوص، ليست أكلًا ولا شربًا، وليست في معنى الأكل والشرب، وإنما هي علاج يستخدمه هذا المريض يستخدم هذا العلاج بهذه الطريقة، وبناء على هذا نقول: إنه لا بأس باستخدام هذه الأقراص التي توضع تحت اللسان، وأن استخدام هذه الأقراص لا يُؤثر على صحة الصيام.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.