جدول المحتويات
المقدم: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
حياكم الله -أيها الإخوة المستمعون والمستمعات- في برنامجكم (مجالس الفقه).
(مجالس الفقه) برنامجٌ يُذاع عبر أثير (إذاعة القرآن الكريم)، نتدارس فيه المسائل الفقهية والنوازل المعاصرة مما يحتاج إلى معرفتها كل مسلم. يصحبنا في هذا البرنامج فضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والمدرس بالحرمين الشريفين. فباسمي واسمكم جميعًا نرحب بشيخنا، فمرحبًا بكم.
الشيخ: أهلًا وسهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
أقسام الورثة باعتبار الإرث
المقدم: أحسن الله إليكم، شيخنا. لا يزال الحديث موصولًا في هذه الحلقات في المسائل والأحكام المتعلقة بعلم الفرائض، ولعلنا في هذه الحلقة نأخذ جملةً من المسائل، أبدؤها بالحديث عن أقسام الورثة باعتبار الإرث، إلى كم ينقسمون؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالإرث نوعان: فرضٌ، وتعصيب.
أما الفرض: فهو نصيب مقدَّرٌ شرعًا لوارث مخصوص. وأما التعصيب فمعناه: الإرث بلا تقدير، فالعاصب من يرث بلا تقدير. وأما الفرض فهو الإرث بتقدير.
وينقسم الورثة باعتبار الإرث بالفرض والتعصيب إلى أربعة أقسام:
- القسم الأول: من يرث بالفرض فقط.
- والقسم الثاني: من يرث بالتعصيب فقط.
- والقسم الثالث: من يرث بالفرض تارة، وبالتعصيب تارة، ويجمع بينهما تارة.
- والقسم الرابع: من يرث بالفرض تارة، وبالتعصيب تارة، ولا يجمع بينهما أبدًا.
أما القسم الأول وهو من يرث بالفرض فقط فهم سبعة، وهم: الأم، والأخ لأم، والأخت لأم، والجدة من جهة الأم، والجدة من جهة الأب، والزوج، والزوجة، فهؤلاء إنما يرثون بالفرض فقط.
وأما القسم الثاني وهو من يرث بالتعصيب فقط: فهم اثنا عشر؛ الابن، وابن الابن وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب، والمعتِق والمعتِقة.
وأما من يرث بالفرض تارة وبالتعصيب تارة ويجمع بينهما تارة: فهما اثنان؛ الأب والجد، فإن كلًّا منهما يرث بالفرض -وهو السدس- في حالتين:
الحال الأولى: مع الابن، أو ابن الابن وإن نزل، فيكون للأب أو للجد السدس، والباقي للابن، أو لابن الابن، فمثلًا لو قلنا: هالكٌ عن أب وابن، كيف تكون القسمة؟
المقدم: من أب وابن، سيكون للابن هنا الباقي، وللأب السدس.
الشيخ: نعم إذًا، نبدأ الأحسن بالأب، الأب له السدس، والابن: الباقي.
طيب، جَدٌّ وابنٌ، جدٌّ من جهة الابِ وابنٌ، كيف تكون القسمة؟
المقدم: كذلك -أحسن الله إليك- سيكون الجد له السدس، والابن له الباقي. هذه هي الحال الأولى.
الشيخ: والحال الثانية: إذا كان في المسألة أصحاب فروض ولم يبق بعدهم إلا قدر السدس أو أقل، فيكون للأب أو للجد السدس فقط.
مثال ذلك: هالكٌ عن أم وابنتين وأب، كيف تكون القسمة؟
المقدم: الأب هنا سيأخذ السدس، والأم ستأخذ السدس أيضًا، والابنتان ستأخذان الثلثين.
الشيخ: ستأخذان الثلثين، معنى ذلك: المسألة تكون عادلةً، ثلثان، وسدس، وسدس.
المقدم: والمراد بكونها عادلة؟
الشيخ: يعني بدون زيادة وبدون نقص، بدون عول وبدون رَدٍّ.
طيب، يرث كلٌّ منهما بالتعصيب وحده إذا خلا عن الفرع الوارث من ذكر أو أنثى ولو كان معه ذو فرض كزوجة.
مثال ذلك: هالكٌ عن زوجة وأب، كيف تكون القسمة؟
المقدم: هنا الزوجة ستأخذ الربع، والأب سيأخذ الباقي.
الشيخ: زوجة وجد؟
المقدم: كذلك الزوجة هنا ستأخذ الربع، والجد سيأخذ الباقي.
الشيخ: ويجمع بينهما -يعني بين الفرض والتعصيب- إذا كان مع الأب أنثى من الفروع، وبقي بعد الفرض أكثر من السدس.
مثال ذلك: هالك عن بنت وأم وأب، كيف تكون القسمة؟
المقدم: البنت ستأخذ هنا النصف، والأم ستأخذ السدس، والأب سيأخذ السدس زائد الباقي.
الشيخ: أحسنت. إذًا البنت النصف، والأم السدس، والأب السدس والباقي.
طيب، لو كان مكان الأب جَدٌّ؟ يعني: بنت، وأم، وجد.
المقدم: نعم أحسن الله إليك، سيكون كذلك: البنت لها النصف، والأم لها السدس، والجد له السدس زائد الباقي.
الشيخ: القسم الرابع: من يرث بالفرض تارة وبالتعصيب تارة ولا يجمع بينهما أبدًا، وهم أربعة؛ البنت فأكثر، وبنت الابن فأكثر وإن نزل أبوها بمحض الذكور، والأخت الشقيقة فأكثر، والأخت لأب فأكثر، فيرثن بالفرض إذا لم يكن هناك مُعصِّب.
مثال ذلك: هالك عن أم وأخت وعم، كيف تكون القسمة؟
المقدم: الأم سيكون لها الثلث، والأخت هنا لها النصف، والعم له الباقي.
الشيخ: نعم، أحسنت. ويرثن بالتعصيب إذا وجد معهن مُعصِّب.
مثال ذلك: هالك عن أم، وأخ شقيق، وأخت شقيقة، كيف تكون القسمة؟
المقدم: أم وأخ شقيق وأخت شقيقة، سيكون للأم السدس هنا، والأخ الشقيق مع الأخت الشقيقة لهم الباقي؛ للذكر مثل حظ الأنثيين.
الشيخ: أحسنت بارك الله فيك. طيب انتهينا من هذا المحور.
الفروض المقدرة في كتاب الله
المقدم: أحسن الله إليكم. أيضًا من المسائل التي أودُّ لو ذكرتموها شيخنا وتطرقتم إليها، وقد ذكرتم شيئًا منها قبل قليل: الفروض المقدرة في كتاب الله ، ما هي الفروض المقدرة في كتاب الله ؟
الشيخ: أولًا: الفروض جمع فرض، والفرض يُطلق في اللغة على عدة معانٍ؛ منها: الحز والقطع والتقدير.
وأما معنى الفرض في اصطلاح الفرضيين: "فهو نصيبٌ مقدَّرٌ شرعًا لوارث مخصوص".
قولنا في التعريف: "نصيبٌ مقدَّر" يخرج به التعصيب، فإنه نصيبٌ غير مقدَّر، والعاصب: هو من يرث بلا تقدير.
وقولنا في التعريف: "شرعًا" يخرج به الوصية، فإنها مقدَّرة جَعلًا؛ أي: بجَعْلِ الموصي، لا بأصل الشرع.
وقولنا في التعريف: "لوارث مخصوص" يخرج به الزكاة، فإنها نصيب مقدَّر شرعًا، لكن لغير وارث.
والفروض المقدرة في كتاب الله ستة:
- الأول: النصف.
- والثاني: الربع.
- والثالث: الثمن.
- والرابع: الثلثان.
- والخامس: الثلث.
- والسادس: السدس
ووضع بعض العلماء قاعدةً لهذه الفروض، فقال: النصف، ونصفه، ونصف نصفه. والثلثان، ونصفهما، ونصف نصفهما.
فقولهم: النصف واضح، ونصف النصف هو الربع، نصف نصفه يعني الثمن.
الثلثان واضح معناها، نصفهما الثلث، نصف نصفهما السدس؛ لأن السدس نصف الثلث.
ويمكن أن نعكس العبارة فنقول: الثمن، وضعفه، وضعف ضعفه. والسدس، وضعفه، وضعف ضعفه. فضعف الثمن الربع، وضعف ضعفه النصف، وضعف السدس الثلث، وضعف ضعفه الثلثان.
أصحاب الفروض
وعدد أصحاب الفروض إجمالًا: واحد وعشرون صنفًا، فنأخذها إجمالًا، ثم نأخذها فيما بعد بالتفصيل.
فالنصف خمسة أصناف: الزوج، والبنت، وبنت الابن وإن نزلت، والأخت الشقيقة، والأخت لأب.
وأصحاب الربع: اثنان فقط؛ الزوج، والزوجة فأكثر.
وأصحاب الثمن: واحدة؛ وهي الزوجة فأكثر.
وأصحاب الثلثين: أربعة؛ البنتان فأكثر، وبنتا الابن فأكثر وإن نزلن، والأختان الشقيقتان فأكثر، والأختان لأب.
وأصحاب الثلث: اثنان فقط؛ الأم، والإخوة والأخوات لأم.
وأصحاب السدس: سبعة؛ الأب، والأم، والجد الوارث الذي هو من جهة الأب وإن علا، والأخ لأم، والأخت لأم، وبنت الابن فأكثر وإن نزلت، والأخت لأب فأكثر، والجدة الوارثة فأكثر.
هؤلاء هم أصحاب الفروض على سبيل الإجمال، ننتقل لهم على سبيل التفصيل.
المقدم: لكن -أحسن الله إليك- قبل ذلك يَذكر بعض الفقهاء ما يتعلق بثلث الباقي، هل يُعتبر فرضًا مستقلًّا، أم هو داخل ضمن الفروض المذكورة قبل قليل؟
الشيخ: سيأتي الكلام عنه بعدما ننتهي من هذه، عندما نتكلم عن الثلث سيأتي الكلام عنه: هل هناك ثلثٌ باقٍ أم ليس هناك ثلثٌ باقٍ؟ وماذا يسمى ثلث الباقي؟ وتَرِدُ مسألة "العُمَرِيَّتين"، إن شاء الله سنتكلم عن هذه المسألة بالتفصيل.
أصحاب النصف
المقدم: أحسن الله إليكم. إذًا إن أذنتم شيخنا أن نَدْلِفَ بذكر شيءٍ من التفصيل في أصحاب الفروض؛ مَن هم؟ وما شروط استحقاقهم؟ مبتدئين بالحديث عن أصحاب النصف؟
الشيخ: أصحاب النصف خمسة:
الصنف الأول: الزوج
الصنف الأول: الزوج، ويستحق النصف بشرط واحد وهو شرطٌ عَدَمِيٌّ، وهو عدم الفرع الوارث للزوجة، سواء أكان هذا الفرع الوارث للزوجة منه أو من غيره.
والفرع الوارث: هو الولد، وعندما نقول: الولد؛ فيشمل ذلك الذكر والأنثى. الولد في علم الفرائض لا يختص بالذكر وإنما يشمل الأنثى، بل حتى في اللغة العربية، وفي لسان الشارع: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11]، خلاف ما عليه عرف بعض الناس عندما يسمعون كلمة "ولد" يقصدون به الذكر.
ومعنى "ولد" شرعًا ولغةً وأيضًا في علم الفرائض: يُطلق على الذكر والأنثى؛ ولذلك فالأدق في وصف الذكر أن نقول: "ابنٌ"، ولا نقول: "ولدٌ"، إذا قلنا: "ولدٌ" فيشمل الذكر والأنثى.
فالفرع الوارث هنا هو: الولد، وولد الابن وإن نزل أبوه بمحض الذكور؛ لقول الله : وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ [النساء:12].
لو أخذنا بعض الأمثلة: هالكة عن زوج وأب، كم يكون للزوج؟
المقدم: الزوج هنا -أحسن الله إليك- سيكون له النصف، والأب سيكون له الباقي.
الشيخ: طيب زوجٌ وابنٌ؟
المقدم: سيكون للزوج هنا الربع والابن الباقي.
الشيخ: نعم لماذا قلنا الربع، ولم نقل النصف؟
المقدم: لوجود الفرع الوارث.
الشيخ: نعم، إذًا تخلَّف الشرط، نحن قلنا: الزوج يستحق النصف بشرط عدم الفرع الوارث للزوجة، فإذا وُجد للزوجة فرعٌ وارثٌ فمعنى ذلك أن الزوج لن يأخذ النصف، وإنما سيأخذ الربع.
الصنف الثاني: البنت
الصنف الثاني: البنت، وتستحق النصف بشرطين، وهما شرطان عَدَمِيَّان، يعني مقدَّمان بكلمة عدم:
الأول: عدم المُعصِّب لها وهو أخوها، فإن وُجد مُعصِّب انتقلت من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب؛ لقول الله : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11].
والشرط الثاني: عدم المشارك لها وهو أختها، فإن وُجدت أختها انتقلت من الإرث بالفرض إلى المشاركة في الثلثين؛ لقول الله : فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11].
طيب، لو أخذنا بعض الأمثلة لإرث البنت النصفَ لِتَحَقُّق الشرط: هالك عن أم وبنت وعم؟
المقدم: هنا -أحسن الله إليك- البنت ستأخذ النصف، والأم ستأخذ السدس، والعم سيأخذ الباقي.
الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك. طيب لو أخذنا مثالًا على عدم تحقق الشرط، نقول مثلًا: هالكة عن زوج وبنت وابن.
المقدم: نعم، هنا الزوج سيأخذ الربع، والبنت والابن سيأخذون الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
الشيخ: أحسنت. هنا لم تأخذ البنت النصف نظرًا لوجود المُعصِّب وهو الابن، فانتقلت من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب.
طيب، لو أخذنا مثالًا -أيضًا- لعدم تحقق الشرط الثاني: هالك عن بنتين وأخ شقيق مثلًا، كيف تكون القسمة؟
المقدم: هنا البنتان -أحسن الله إليك- ستأخذان الثلثين، والأخ الشقيق سيأخذ الباقي.
الشيخ: أحسنت. إذًا هنا البنت الواحدة لم تأخذ النصف؛ لأنها شاركتها أختها: وهي بنتٌ أخرى، فالبنتان تأخذان الثلثين.
الصنف الثالث: بنت الابن وإن نزل أبوها
الصنف الثالث: بنت الابن وإن نزل أبوها بمحض الذكور، وتستحق النصف بثلاثة شروط:
- الشرط الأول: عدم المُعصِّب لها: وهو أخوها أو ابن عمها الذي في درجتها.
- والشرط الثاني: عدم المشارك لها: وهو أختها أو بنت عمها التي في درجتها.
- والشرط الثالث: عدم الفرع الوارث الأعلى منها.
ويدل لذلك الإجماعُ، هذه المسألة محل إجماع، وأيضًا القياس على البنت؛ ولهذا قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في "المغني": "أجمع أهل العلم على أن بنات الابن بمنزلة البنات عند عدمهن في إرثهن وحجبهن لمن يحجبه البنات".
فعلى ذلك؛ بنت الابن تستحق النصف بهذه الشروط الثلاثة: عدم المعصب، وعدم المشارك، وعدم الفرع الوارث الأعلى.
فلو أخذنا أمثلةً لِتَحَقُّق هذا الشرط..
المقدم: لكن -أحسن الله إليكم- قبل ذِكر الأمثلة، ذكرتم في الشرط "الذي في درجتها"، ما المقصود بذلك؟
الشيخ: المقصود بذلك أن يكون ابن العم في درجتها، أما إذا لم يكن في درجتها ففي هذه الحال هل تنتقل من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب، يعني مثلًا: هالك عن بنتين، وبنت ابن، وابن ابن ابن، فهنا ابن ابن الابن يُعتبر معصِّبًا، لا يلزم أن يكون في نفس الدرجة، قد يكون في درجة أقل منها، فمعنى ذلك: أنه يُعصِّبها، لكن هذا إنما يكون إذا وُجدت بنتان أعلى، ثم وُجدت بنت ابن، ووُجد ابن ابن ابن، فهنا وإن كانت أقلَّ منها درجةً إلا أنه يُعصِّبها.
المقدم: هي التي يذكرونها -أحسن الله إليك- أنه يُعصِّبها إذا احتاجت إليه؟
الشيخ: نعم، يُعصِّبها إذا احتاجت إليه، ويسمى "القريب المبارك"، فلولاه لسقطت ولم تأخذ شيئًا.
هالك عن بنت ابنٍ وأخت شقيقة، كيف تكون القسمة؟
المقدم: بنت الابن هنا ستأخذ النصف، والأخت الشقيقة ستأخذ الباقي.
الشيخ: أحسنت. هذا إذا مثالٌ لتحقق الشرط أو الشروط.
طيب، لو أخذنا مثالًا على عدم تحقق بعض الشروط، مثلًا: زوجة، وبنت ابن، وابن ابن.
المقدم: هنا الزوجة -أحسن الله إليك- ستأخذ الثمن، وبنت الابن وابن الابن سيأخذان الباقي.
الشيخ: نعم، هنا بنت الابن لم تأخذ النصف، لماذا؟ لوجود المُعصِّب وهو ابن الابن.
لو قلنا: زوجة، وبنتا ابنٍ، وأخ شقيق.
المقدم: هنا الزوجة -أحسن الله إليك- ستأخذ الثمن، وبنتا الابن ستأخذان الثلثين، والأخ الشقيق سيأخذ الباقي.
الشيخ: أحسنت. هنا بنت الابن لم تأخذ النصف؛ لوجود المشارك لها وهو أختها، فانتقلت من الإرث بالنصف إلى الإرث بالثلثين.
الصنف الرابع: الأخت الشقيقة
الصنف الرابع من أصناف النصف: الأخت الشقيقة، وميراث الأخت الشقيقة والأخت لأب كذلك، ذكره الله تعالى في آخر آية من سورة النساء: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:176]، وَلَهُ أُخْتٌ يعني: شقيقة أو لأب.
وتستحق الأخت الشقيقة النصف بأربعة شروط:
- الشرط الأول: عدم المُعصِّب لها، وهو الأخ الشقيق.
- والشرط الثاني: عدم المشارك لها، وهو الأخت الشقيقة.
- والشرط الثالث: عدم الفرع الوارث للميت، وهو الابن وابن الابن وإن نزل، والبنت وبنت الابن وإن نزل أبوها.
- والشرط الرابع: عدم الأصل الوارث من الذكور، وهو الأب بالإجماع، والجد على القول الراجح، وهو أن الجد يحجب الإخوة.
فإذًا؛ الأخت الشقيقة تستحق النصف بهذه الشروط الأربعة:
- عدم المُعصِّب.
- عدم المشارك.
- عدم الفرع الوارث.
- عدم الأصل الوارث من الذكور.
طيب، لو أخذنا أمثلةً لاستحقاق الأخت الشقيقة النصف لِتَوَفُّر هذه الشروط الأربعة: هالك عن: أخت شقيقة، وعم.
المقدم: أحسن الله إليك، الأخت الشقيقة هنا ستأخذ النصف، والعم سيأخذ الباقي.
الشيخ: أحسنت. هنا تحققت الشروط الأربعة. طيب، لو أخذنا أمثلة على تخلُّف بعض الشروط: هالك عن: زوجة، وأخت شقيقة، وأخ شقيق؟
المقدم: الزوجة هنا ستأخذ الربع، والأخت الشقيقة والأخ الشقيق سيأخذون الباقي تعصيبًا.
الشيخ: نعم، أحسنت. هنا تخلَّف الشرط الأول؛ لأننا قلنا عدم المُعصِّب وهو الأخ الشقيق، وهنا وُجد الأخ الشقيق، فلم ترث هنا الأخت الشقيقةُ النصفَ، وإنما انتقلت للإرث بالتعصيب مع أخيها.
هالك عن: أختين شقيقتين، وأخ لأب؟
المقدم: هنا -أحسن الله إليك- الأختان الشقيقتان ستأخذان الثلثين، والأخ لأب سيأخذ الباقي.
الشيخ: نعم، هنا لم تأخذ الأخت الشقيقة النصف نظرًا لتخلف الشرط الثاني وهو عدم المشارك؛ فهنا وُجد المشارك وهو أختها، فلما أصبحتا أختين شقيقتين ورثتا الثلثين، فانتقلت الأخت هنا من الإرث بالنصف إلى الإرث بالثلثين؛ لمشاركة أختها معها.
الصنف الخامس: الأخت لأب
الصنف الخامس من أصناف أصحاب النصف: الأخت لأب، وتستحق النصف بخمسة شروط، وهي: الشروط الأربعة التي ذُكرت في الأخت الشقيقة، وهي: عدم المعصب، وعدم المشارك، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل الوارث من الذكور. ويُضاف لذلك شرط خامس، وهو: عدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة.
ويدل لإرث الأخت لأب النصفَ: عمومُ الآية الكريمة التي أشرنا لها قبل قليل، وهي آخر آية من سورة النساء، وهي قول الله : إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:176]، وأن المقصود بالأخت في الآية: الأخت الشقيقة والأخت لأب.
طيب، نأخذ أمثلةً لـ(أولًا): تَحَقُّق هذه الشروط الخمسة، هالك عن: أخت لأب، وعم؟
المقدم: أحسن الله إليك، هنا الأخت لأب ستأخذ النصف، والعم سيأخذ الباقي.
الشيخ: نعم، هنا الأخت لأب تحققت فيها الشروط الخمسة، وهي: عدم المعصب، عدم المشارك، عدم الفرع الوارث، عدم الأصل الوارث من الذكور، عدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة. فما دام أن هذه الشروط تحققت فمعنى ذلك أن الأخت لأب تأخذ النصف.
ولذلك؛ مَن أراد أن يستوعب ويضبط الفرائض من الإخوة المستمعين فلا بد أن يضبط هذه الشروط، لا بد أن يحفظها ويضبطها ويستحضرها من حينٍ لآخر حتى ترسخ لديه، فعندما -مثلًا- تَرِد الأخت لأب يستحضر هذه الشروط الخمسة، هل هي متحققة؟ إذا تحققت مباشرةً فالأخت لأب تأخذ النصف، وهذه تكون بكثرة المِرَاس والقسمة والتدريب.
طيب، لو أخذنا مثالًا على تخلُّف أحد هذه الشروط، مثلًا: هالك عن: زوجة، وأخ لأب، وأخت لأب.
المقدم: هنا الزوجة -أحسن الله إليك- ستأخذ الربع، والأخ لأب والأخت لأب سيأخذون الباقي.
الشيخ: أحسنت. هنا الأخت لأب لم تأخذ النصف نظرًا لعدم تحقق الشرط الأول وهو عدم المُعصِّب، وهنا وُجد المُعصِّب لها؛ فهنا انتقلت من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب، فالأخت لأب والأخ لأب يأخذان الباقي.
طيب، هالك عن: زوج، وأختين لأب؟
المقدم: الزوج هنا سيأخذ النصف، والأختان لأب ستأخذان الثلثين.
الشيخ: الثلثان، أحسنت. هنا الأخت لأب لم تأخذ النصف؛ لعدم تحقق الشرط الثاني وهو عدم المشارك، هنا وُجدت للأخت لأب مُشارِكَةٌ وهي أختُها لأبيها، فمعنى ذلك: الأختان لأب تأخذان الثلثين؛ لوجود المشارك لها وهو أختها، أختها قد تكون أختها الشقيقة، لكن بالنسبة للميت أختان لأب، فهنا لولا وجود أختها لأخذت النصف؛ فوجود أختها نَقَلها من أن ترث النصف لأن تُشارك أختها في إرث الثلثين.
وهكذا أيضًا بالنسبة لبقية الشروط؛ ولذلك أُؤكد: مَن أراد أن يضبط الفرائض من الإخوة المستمعين يأخذ أصحاب الفروض واحدًا واحدًا بهذه الطريقة، ويحفظ الشروط ويُطبِّقها، ويُكثر من القِسمة، يعني يأخذ في البداية أمثلةً محلولةً، ثم يختبر نفسه بعد ذلك في القسمة، ومع المران والتمرُّس يُصبح قادرًا ومستحضرًا لقسمة المواريث.
المقدم: أحسن الله إليكم وشكر الله لكم، ولعل مما يُعين على ضبط هذه الشروط ذِكْرها بهذا التسلسل، وكلُّ واحدة تزيد على مَن قبلها بشرط واحد.
الشيخ: نعم، صحيح.
المقدم: ربما يُعين على ضبطها. أحسن الله إليكم، وشكر الله لكم شيخنا. إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختم هذه الحلقة، فأسأل الله أن يجزي شيخنا الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الختلان، خير الجزاء، شكر الله لكم شيخنا.
الشيخ: وشكر لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: إلى أن نلتقيكم في حلقة قادمة بإذن الله ، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
كان معكم في إدارة هذه الحلقة: فهد بن عبدالعزيز الكثيري. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.