المقدم: أهلًا ومرحبًا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الفقرة الأسبوعية (زدني علمًا) مع معالي الشيخ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة في جامعة الإمام، حياكم الله يا شيخنا، وصبحك الله بالخير.
الشيخ: حياكم الله، وحيا الله الإخوة المستمعين، وصبحكم الله بالخيرات والمسرات.
المقدم: في الأسبوع الماضي كنا نتحدث عن موضوع السخرية والاستهزاء، وأنها قد تصل بالإنسان وتخرجه عن الملة.
شيخ سعد في سنة مضت في هذا البرنامج (اللهم بك أصبحنا) استضفناك وتحدثت بتوجيه كان يعني مباشرًا ومؤثرًا عن مسؤولية مشرف المجموعات في الواتس آب، عن مسؤوليته الشرعية حتى عما يدور في هذه المجموعة، وما يلحقه من إثم لما يدور فيها من مخالفات شرعية، نريد أن نواصل الحديث في هذه الجزئية بالذات.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن النبي يقول: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا [1]، وهذا الحديث حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه.
وهو يدل على أن من تسبب في إيقاع غيره في الشر فإنه يكون عليه من الإثم مثل آثام من وقع في ذلك الشر وفي تلك المعاصي، وفي المقابل من تسبب في أن يفعل غيره الخير كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه.
وهذا يدل على خطورة التسبب في فعل الشر، وعلى أيضًا فضل التسبب في فعل الخير، وعلى هذا فمن أنشأ مثلًا مجموعة في الواتس آب في وسيلة التواصل الاجتماعي الواتس آب مثلًا، وكانت هذه المجموعة مجموعة خير فيها دعوة إلى الله ، وفيها تواصٍ بالحق، وتواصٍ بالصبر، وتعاون على البر والتقوى، فإن من تسبب في هذا الخير يكون له أجر، ويكون له ثواب؛ لأنه قد تسبب في هذا الخير؛ فينطبق عليه قول النبي : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه وأيضًا قوله: من دل على خير فله مثل أجر فاعله [2]، وما جاء في معناها من النصوص التي تدل على أن من تسبب في فعل خير؛ كان له من الأجر مثل أجور من فعل ذلك الخير.
في المقابل من أنشأ مجموعة كلها سباب، وكلها شتم، وكلها قذف، وفيها يعني أمور محرمة؛ فهنا تأتي مسؤولية من أنشأ تلك المجموعة، فإنه قد تسبب في ذلك، قد تسبب في أن من دخل معه في هذه المجموعة أن يقع في مثل هذه الأمور المحرمة.
وهنا يكون عليه المسؤولية، فعليه أن يبذل له النصيحة، خاصة إذا كثر ذلك منه، وأصبحت الغيبة، أو القذف، أو الوقوع في أعراض الناس، أصبحت تكثر من هذا الشخص، فعلى المسؤول عن تلك المجموعة أن ينصحه، فإن قبل نصيحته، وإلا فإنه لا يبقى في تلك المجموعة، وإلا فإن من أنشأ تلك المجموعة يكون مسؤولًا أيضًا عما يقع في تلك المجموعة من المحاذير والمخالفات الشرعية.
وهذا يبين لنا أهمية المسؤولية عن مثل هذه الأمور، وأن من وضع مثل هذه الأمور فعليه أن ينتبه، وألا يقع فيها إلا خيرًا.
المقدم: مسألة وباختصار شيخنا أيضًا أحيانًا بعض الأعضاء يقوم بالإنكار في القروب، وبعضهم لا؛ بمجرد وجود منكر أو صورة مثلًا مخالفة يكتفي بالانسحاب فقط، هذا يطبق عليه التوجيه الشرعي في مسألة الإنكار بالقلب.
الشيخ: الأحسن هو الإنكار، أحسن من الانسحاب؛ لأن الانسحاب يعتبر سلبية في الحقيقة، يعني كون الإنسان ينسحب.. ليس فقط في مجموعة الواتس آب، في أي مجال، كون الإنسان مثلًا يرى المنكر وينسحب، يعني هذا يعتبر سلبية، لكن كونه يبقى وينكر المنكر بالطريقة المناسبة.
المقدم: يقول: أنكرت بقلبي انسحابي هذا.
الشيخ: هذا إذا عجز عن الإنكار باللسان، أما إذا أمكن الإنكار باللسان أو بالكتابة، هذا هو المطلوب، والأنبياء وطريقة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أنهم كانوا يخالطون أقوامهم، ويدعونهم إلى الله تعالى، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر.
والنبي يقول: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم [3] تجد بعض أهل الخير منسحب، منسحب من المجتمع كله، هذا غير صحيح، ينبغي أن يخالط المجتمع، وأن يندمج في المجتمع، وأن يكون مؤثرًا، وأن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر حسب استطاعته.
من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان [4] فكونه يكون إيجابيًّا متفاعلًا مع المجتمع، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، يصبر على ما أصابه، هذه هي طريقة الأنبياء والرسل، وهذا خير من أن يكون سلبيًّا فقط ينسحب، فيعني مجرد الانسحاب ليس شجاعة، الشجاعة أنه يبقى، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، مع اللطف والأدب، ومع التأدُّب بآداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
المقدم: وهذا سبحان الله! أيضًا يتوافق مع ما وجهت به يعني السلطات مؤخرًا بمسؤولية أيضًا المشرف في المجموعة عن المخالفات الأمنية، أو حتى تسريب الخطابات الحكومية، تحمل كلها عليه، وهذا يدخل في نفس ما وجهت به شيخنا.
الشيخ: نعم.
المقدم: شكر الله لكم معالي الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن كنت ضيفًا وموجهًا في فقرتنا الأسبوعية (زدني علمًا) شكرًا لك شيخنا.
الشيخ: وشكرًا لكم، وللإخوة المستمعين.
المقدم: موعدنا الأسبوع القادم إن شاء الله في أمان الله.