ينبغي أن يكون للمسلم فراسة وفطنة، وأن يكون بعيدًا عن الغفلة، فإن الله وصف الغافل بالجاهل؛ فقال سبحانه عن الفقراء المتعفِّفين: يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا [البقرة:273]؛ الفقراء المتعفِّفون يراهم الجاهل وينظر إليهم وملابسهم نظيفة، ومتعفِّفون لا يسألون الناس شيئًا، فيظنهم الجاهل، يظنهم أغنياء، ولكن الفَطِن يعرف أنهم فقراء؛ لهذا قال سبحانه: تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ.
تعرفهم أولًا بالنظر إلى مصدر الدخل عندهم، وكذلك أيضًا مصروفاتهم، وكذلك أيضًا بالنظر إلى شخصياتهم، عندما ترى هذا الإنسان وأن عنده عزة نفس، لا يسأل حتى لو كان محتاجًا، أو أنه يغلبه الحياء، لا يسأل حتى لو كان محتاجًا، ومصدر دخله ضعيف، ومصروفاته كثيرة، تعرف أنه فقير متعفِّف؛ هذا أَوْلى بالإعانة وأَوْلى بالمساعدة وأن تُبذَل له الصدقات والزكوات من الفقير السائل، هؤلاء الفقراء المتعفِّفون ينبغي أن نبحث عنهم وأن نُعِينهم ونساعدهم.
جاء في قصة إسلام الصحابي الجليل عبدالله بن سلام ، الذي كان يهوديًّا ثم أسلم؛ جاء في قصة إسلامه: أن النبي لمَّا قَدِم المدينة وانْجَفَل الناس إليه، قال: كنتُ فيمن قَدِم، فلما تبيَّنْتُ وجهه عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذاب[1]؛ فعبدالله بن سلام تفرَّس في وجه النبي ، فلما رأى وجهه، قال: هذا وجهه ليس بوجه كذاب؛ فأسلم.
ولذلك؛ إذا اجتمعتَ بإنسان، يمكن أن تعرف صدقه من كذبه؛ من خلال كلامه، وتقاسيم وجهه، وتعابير وجهه، ونحو ذلك، فتعرف هل هو إنسان صادق أو غير صادق؛ فلما تبيَّنْتُ وجهه عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذاب.
فينبغي للمسلم أن يكون فطنًا، وأن يكون بعيدًا عن الغفلة؛ فإن الفطنة محمودة، ووصفَ اللهُ تعالى الغافل بالجاهل؛ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ [البقرة:273].
فعليك -أخي المسلم- أن تحرص على الفطنة وعلى الفراسة، وأن تبتعد عن الغفلة؛ فإن الغفلة مذمومة، والتغافل محمود؛ التغافل يعني: أن يكون الإنسان مُدركًا لكنه يتغافل عن بعض الأمور، أما الغفلة فإنها مذمومة؛ ولهذا وصف الله تعالى الغافل بالجاهل.
| ^1 | رواه الترمذي: 2485، وابن ماجه: 1334، وأحمد: 23784. |
|---|


