logo

حكم صلاة الجماعة وعناية الصحابة بها

مشاهدة من الموقع

يقول الله ​​​​​​​: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43].

ذكر كثيرٌ من المُفسرين أن هذه الآية تدلُّ على مشروعية صلاة الجماعة.

ويقول الله سبحانه: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ... إلى آخر الآية [النساء:102]، فأمر الله بإقامة الجماعة حتى في حال الحرب والتحام الصفوف.

وقد كان النبي في صلاة الخوف يُقَسِّم مَن معه إلى طائفتين: طائفة تُصلِّي، وطائفة تجاه العدوِّ تحرس.

ثم إذا صَلَّت الطائفة التي معه ركعةً قامتْ وقَضَت الركعة الثانية.

وأتت الطائفة التي تحرس فَصَلَّتْ معه ركعةً -وهي الركعة الثانية في حقِّ النبي - فإذا سلَّم قامَتْ وقَضَتْ ركعةً.

فلاحظوا -أيها الإخوة- كيف أن الصلاة تتغير هيئتها وطريقتها لأجل تحقيق الجماعة، وهذا يدل على عظيم شأن صلاة الجماعة في الإسلام.

ولهذا جاء في "صحيح مسلم": أن رجلًا أعمى أتى النبيَّ فقال: يا رسول الله، إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد. فسأل رسولَ الله أنْ يُرَخِّص له فيُصَلِّي في بيته، فَرَخَّص له، فلمَّا وَلَّى دَعَاهُ فقال: هل تسمع النِّداء بالصلاة؟ فقال: نعم. قال: ‌فَأَجِبْ [1]، رواه مسلمٌ.

وجاء في روايةٍ عند غير مسلمٍ: لا أجد لك رُخْصَةً [2].

فلو كانت صلاة الجماعة غير واجبةٍ لَرَخَّص النبي لهذا الرجل الأعمى، ولَمَا قال له: فَأَجِبْ، لا أجد لك رُخْصَةً.

يقول ابنُ مسعودٍ : "مَن سَرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليُحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادَى بهنَّ، فإن الله شرع لنبيكم سُنَنَ الهُدى، وإنهنَّ من سُنَنِ الهُدى، ولو أنَّكم صَلَّيتُم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المُتخلِّفُ في بيته لتركتم سُنَّة نبيِّكم".

ثم قال : "ولقد رأيتُنا" يعني: الصحابة "وما يتخلَّف عنها" يعني: عن الصلاة مع الجماعة في المسجد "إلا مُنافقٌ معلوم النِّفاق، ولقد كان الرجل يُؤْتَى به يُهَادَى بين الرجلين" يعني: الرجل عندما يكون مريضًا يُؤْتَى به يُعَضَّد بين اثنين، عن يمينه، وعن شماله، "يُهَادَى بين الرجلين حتى يُقام في الصفِّ" [3].

فهذا يدل على عناية الصحابة بالصلاة مع الجماعة في المسجد.

فينبغي لك -أخي المسلم- أن تحرص على إقامة الصلاة مع الجماعة في المسجد، وأن تجعلها أول اهتماماتك، وأن تجعلها من الأمور الأساسية في حياتك، فلا تجعل الصلاة مع الجماعة في المسجد أمرًا هامشيًّا، إنما اعتبرها من الأمور الأساسية، واحرص عليها، فإنك إذا حرصتَ عليها، ورفعتَ مستوى الاهتمام بها، فإنها لن تفوتك أبدًا.

^1 رواه مسلم: 653.
^2 رواه أبو داود: 552، وابن ماجه: 792.
^3 رواه مسلم: 654.
مواد ذات صلة