يقول عليه الصلاة والسلام: يا أهل القرآن أوتِروا؛ فإن الله وترٌ يحب الوتر [1]، أخرجه أحمد وأبو داوود بسندٍ جيدٍ.
فأمر النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بالوتر، فالوتر سنةٌ مؤكدةٌ عند جماهير الفقهاء [2].
ومن الفقهاء من قال: إنه واجبٌ، وهم فقهاء الحنفية [3]، ولكن القول الراجح: إنه ليس بواجبٍ، وإنما هو سنةٌ مؤكدةٌ.
وقد كان النبي يحافظ عليه محافظةً شديدةً، حتى إنه ليأتي به في السفر، مع أن السفر تُقصر فيه الصلاة، ويُجمع بين الصلاتين، وتُترك فيه السُّنن الرواتب ما عدا سنة الفجر، ومع ذلك كان عليه الصلاة والسلام لا يدع الوتر لا سفرًا ولا حضرًا.
فينبغي لك -أخي المسلم- أن تحرص على صلاة الوتر.
وأقله: ركعةٌ، ولا حَدَّ لأكثره، إن شئت أوترت بركعةٍ، أو بثلاثٍ: ركعتين ثم ركعةٍ، أو بخمسٍ: ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعةٍ، أو بسبعٍ: ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعةٍ، أو تسعٍ: ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعةٍ، أو بإحدى عشرة ركعةً، أو تزيد ما شاء الله، يقول عليه الصلاة والسلام: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ فليُوتر بواحدةٍ [4].
وأفضل وقتٍ لصلاة الوتر: الثلث الأخير من الليل، فإنه وقت النزول الإلهي، ينزل ربنا إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله وعظمته؛ كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي أنه قال: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ [5].
فأفضل وقتٍ تُصلَّى فيه صلاة الوتر: الثلث الأخير من الليل، فإن لم يتيسر؛ فيُصلِّي المسلم الوتر قبل أن ينام، وقد أوصى بذلك النبي بعض الصحابة ممن لا يتيسر له القيام من آخر الليل، فإن لم يتيسر هذا ولا ذاك؛ فلا أقل -يا أخي المسلم- من أن تُوتر بعد صلاة العشاء، المهم: ألا تترك الوتر، تُصلِّي الوتر ولو ركعةً واحدةً، أوتروا يا أهل القرآن؛ فإن الله وترٌ يحب الوتر [6].
| ^1 | رواه أبو داود: 1416، والترمذي: 453، والنسائي: 1675، وابن ماجه: 1169، وأحمد: 877. |
|---|---|
| ^2 | ينظر: التاج والإكليل لمختصر خليل للموَّاق (2/ 384)، والمجموع للنووي (4/ 19)، والمغني لابن قدامة (2/ 594). |
| ^3 | البحر الرائق لابن نجيم (2/ 40). |
| ^4 | رواه البخاري: 990، ومسلم: 749. |
| ^5 | رواه البخاري: 1145، ومسلم: 758، بنحوه. |
| ^6 | رواه أبو داود: 1416، والترمذي: 453، والنسائي: 1675، وابن ماجه: 1169، وقال الترمذي: حديث حسن. |


