logo

تطبيق عقد السَّلَم في التجارة الإلكترونية

مشاهدة من الموقع

البيع عن طريق المَتاجر الإلكترونية فيه بعض الإشكالات الشرعية؛ وذلك أن بعض الناس قد يبيع ما لا يملك، فيقع في الأمر المحظور.

ومن المخارج التي يغفل عنها كثيرٌ من الناس: مخرج السَّلَم، والسَّلَم قد أجمع العلماء على مشروعيته، ولمَّا قَدِم النبي المدينة ووجد أهلها يُسْلِفون في الثمار؛ قال: من أسلف في شيءٍ؛ فليُسلِف في كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ [1].

السَّلَم يُعرِّفه الفقهاء بأنه: "عقدٌ على موصوفٍ في الذمة مؤجلٍ بثمنٍ مقبوضٍ في مجلس العقد" [2].

يمكن تطبيق فكرته عند الشراء عن طريق المتاجر الإلكترونية بأن يُقدِّم المشتري الثمن كاملًا لصاحب المتجر، ويذكر له مواصفات السلعة التي يريد شراءها، فيقول: أريد سلعةً مواصفاتها كذا وكذا، وصاحب المتجر يقبض منه الثمن كاملًا، ويُحضِر له هذه السلعة بهذه المواصفات عند أجلٍ معينٍ، يعني يقول مثلًا: بعد أسبوعٍ، بعد عشرة أيامٍ، أو أكثر أو أقل، فهذه هي فكرة السَّلَم.

والسَّلَم يُشترط له شروط، من أبرزها: تسليم رأس المال في مجلس العقد، وفي مسألتنا هذه -يعني عند البيع عن طريق المتاجر الإلكترونية- يَطلب صاحب المتجر من المشتري أن يَنقُد له الثمن مقدمًا كاملًا، ويذكر له مواصفات السلعة التي يريد، ويَعِده بأن يأتي بهذه السلعة في الوقت الفلاني، يعني مثلًا بعد عشرة أيامٍ أو بعد أسبوعٍ، فهذا يُعتبر سَلَمًا؛ وبذلك يزول الإشكال الشرعي، حتى لو كان صاحب المتجر ليس عنده سلعٌ وإنما سيأتي بها، بل إن السَّلَم لا يصح على سلعٍ معينةٍ، وإنما لا بد أن يكون على شيءٍ موصوفٍ.

فالمشتري يقول لصاحب المتجر: أنا أريد منك سلعةً مواصفاتها كذا وكذا، وصاحب المتجر يقول: ادفع لي الثمن مقدمًا، فإذا دفع له الثمن مقدمًا؛ هنا يُعتبر سَلَمًا، فيأتي صاحب المتجر بهذه السلعة بهذه المواصفات، يُحضِرها من أي مكانٍ ثم يُرسلها للمشتري، هذا يُعتبر سَلَمًا، وهو مَخرجٌ شرعيٌّ، وهو مُجمَعٌ على صحته.

السَّلَم أجمع العلماء على صحته؛ فيمكن لأصحاب المتاجر الإلكترونية أن يُطبِّقوا فكرة السَّلَم في مَبِيعاتهم؛ وبذلك يَسلمون من الوقوع في الإشكالات الشرعية.

^1 رواه البخاري: 2240، ومسلم: 1604.
^2 ينظر: الإنصاف للمرداوي (12/ 217)، وروضة الطالبين للنووي (4/ 3).
مواد ذات صلة