logo

آفات اللسان

مشاهدة من الموقع

جاء في حديث أبي هريرة : أن النبي قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبيَّن فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب [1] متفقٌ عليه.

وهذا الحديث العظيم يُبيِّن لنا خطورة الكلمة، وأنه رُبَّ كلمةٍ واحدةٍ يتكلم بها الإنسان يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب.

وقد جاء في "صحيح مسلم" أن النبي قال: قال رجلٌ: والله لا يغفر الله لفلانٍ. قال الله: مَن ذا الذي يَتَأَلَّى عليَّ ألا أغفر لفلانٍ؟! فإني قد غفرتُ لفلانٍ، وأحبطتُ عملك [2]، قال كلمةً واحدةً أَوْبَقَتْ دنياه وآخرته.

وهذا يدل على خطورة الكلام الذي لا يتبين فيه الإنسان، ويدل أيضًا على أن الإنسان مُؤاخَذٌ بما يتكلم به، حتى وإن لم يتبيَّن فيه، فإنه مطلوبٌ من الإنسان قبل أن يتكلم أن يتبيَّن ما يقول، فإن كان خيرًا تكلم به، وإن كان شرًّا أمسك: مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو لِيَصْمُتْ [3].

وجاء في حديث معاذٍ قال: قلتُ: يا نبيَّ الله، وإنا لمُؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال النبي : ثَكِلَتْكَ أمُّك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم -أو قال: على مناخِرهم- إلا حصائدُ ألسنتهم؟! [4]، أخرجه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

قال الحافظ ابن رجب مُعلِّقًا على هذا الحديث: "ظاهر هذا الحديث: أن أكثر ما يُدْخِل الناسَ النارَ النُّطقُ بألسنتهم" [5]؛ إذ إن النُّطق باللسان هو الذي تتولد منه كثيرٌ من المعاصي والسيئات، حتى المعاصي الفعلية فإنها -في الغالب- مُرتبطةٌ بمعاصٍ قوليةٍ؛ ولذلك مَن حفظ لسانه عن الكلام المُحرَّم فإنه قد وُقِيَ شرًّا عظيمًا، وحفظ نفسه من الوقوع في معاصٍ كثيرةٍ، والمُوفَّق مَن وفَّقه الله.

^1 رواه البخاري6477، ومسلم: 2988.
^2 رواه مسلم: 2621.
^3 رواه البخاري: 6018، ومسلم: 47.
^4 رواه الترمذي: 2616، وابن ماجه: 3973.
^5 "جامع العلوم والحكم" لابن رجب: 2/ 147.