logo

فضل الاستخارة ومتى تكون؟

مشاهدة من الموقع

جاء في "صحيح البخاري" عن جابر ، قال: كان رسول الله يُعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يُعلِّمنا السورة من القرآن، ويقول: إذا هَمَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين، ثم ليقل: اللهم إنِّي أستخيرُك... إلى آخره[1].

فقوله: "كان يُعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يُعلِّمنا السورة من القرآن" هذا يدل على فضل الاستخارة، وعلى أن المسلم ينبغي أن يُكثر منها، وأن يستخير ربه في كلِّ ما يتردَّد فيه، أيُّ أمرٍ تتردَّد فيه ينبغي أن تستخير الله .

ولاحظ هنا اهتمام النبي بهذا الأمر، وكيف أنه كان يُعلِّم الصحابة الاستخارة في الأمور كلها كما يُعلِّمهم السورة من القرآن؛ لهذا ينبغي للمسلم أن يُكثِر من الاستخارة؛ لأنها تدلُّ على قوة التفويض والتسليم لله ، والثقة فيما يختاره الله لعبده.

فإذا تردَّدتَ في أيِّ أمر فاستخر ربَّك؛ محلُّ الاستخارة إنَّما يكون فيما يتردَّد فيه الإنسان، أمَّا ما كان الأمر فيه واضحًا فلا يستخير فيه، يعني: أمور الطاعة والعبادة لا يستخير فيها، ما كان الأمر فيه واضحًا من أمور الدنيا وكان جازمًا فيه لا يستخير فيه، إنما يستخير فيما يتردَّد فيه ولا يدري هل فيه مصلحة أو مفسدة، هل يُقدِم عليه أو لا يُقدِم؛ فيستخير ربه .

والاستخارة وردت على عدة صور، أكمل أنواع الاستخارة: أن يتوضأ ويُصلِّي ركعتين، ثم بعدما يُسلِّم يرفع يديه مُستقبلًا القبلة، ويأتي بدعاء الاستخارة: إني أستخيرك بعلمك، وأستقدِرُك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علَّام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويُسمِّيه خيرٌ لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله، فاقدُرْه لي، ويسِّرْه لي، وبارِك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدُرْ ليَ الخير حيث كان، وأرضِني به، أو قال: ثم أرضِني به[2].

وإذا كان لا يحفظ هذا الدعاء، ممكن أن يقرأه في ورقة، بعد ذلك ينظر: إذا تيسَّر أحد الأمور سلكه؛ فيسلُك ما تيسر له، بعدما يستشير ويبذل الأسباب.

وليس المراد أنه يختار ما تميل إليه نفسُه؛ لأن ما تميل إليه النفس أحيانًا قد يكون لأسبابٍ نفسية، قد تميل النفس لهذا الأمر لأنه قد ألِفه وعنده معلومات أكثر عنه، ونحو ذلك؛ فميل النفس ليس دليلًا على أن هذا هو الخير، وإنما الدليل هو تيسر أحد الأمرين وعدم تيسر الأمر الآخر.

أيضًا من صور الاستخارة: أن يكتفي بالدعاء من غير الصلاة، يكون هذا مثلًا إذا أراد أن يستخير في أمرٍ مستعجل، وكان في وقت نهي، مثلًا بعد صلاة العصر وهو وقت نهي، فيكتفي بالدعاء: اللهم إنِّي أستخيرُك... إلى آخره، أو كانت المرأة مثلًا في حال الحيض أو النفاس وتريد أن تستخير؛ تكتفي بالدعاء. فهذا أيضًا من صور الاستخارة.

فينبغي لك -أخي المسلم- أن تجعل الاستخارة مبدأً لك في الحياة، كلما تردَّدتَ في أمر استخِرْ ربك .

^1 رواه البخاري: 1162.
^2 سبق تخريجه.