جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي كان يُكثر أن يقول في صلاته، أي في التشهد الأخير: اللهم إني أعوذ بك من المأثَم والمَغرم، فقيل: يا رسول الله، ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟! -والمغرم هو الدَّين- فقال عليه الصلاة والسلام: إن الرجل إذا غرم؛ حدَّث فكذب، ووعد فأخلف [1]، رواه البخاري في "صحيحه".
فانظر -يا أخي المسلم- كيف أن النبي كان يستعيذ بالله تعالى في صلاته من الدَّين! يقول: اللهم إني أعوذ بك من المغرم: يعني من الدَّين، ومن المأثم: أي من المعاصي.
وقد جاء في "صحيحِ البخاري" عن أنسٍ قال: كنت أخدم النبي ، فكنت أسمعه يُكثر من أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال [2].
كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله من غلبة الدين، من أن تتراكم الديون على الإنسان فيغلبه الدَّين؛ فإن هذا مؤلمٌ للإنسان نفسيًّا، وربما يجرُّ معه معاصي أخرى؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: إن الرجل إذا غَرِم؛ حدَّث فكذب، أي إن هذا الدَّين يتسبب في أن يضغط عليه في أن يكذب في الحديث، ووعد فأخلف: أي يتسبب هذا الدَّين في أن يُخلِف الوعد، فهذا الدَّين ربما يتسبب في معاصٍ أخرى يقعُ فيها الإنسان.
ولهذا ينبغي لنا -أيها الإخوة- أن نقتدي بالنبي ، وأن نستعيذ بالله تعالى من الدَّين، أن نأتي بهذا الدعاء: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، ومن العجز والكسل، والجبن والبخل، ومن غلبة الدَّين وقهر الرجال، أو: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم؛ والأحسن أن نجمع بينهما.
لكن حديث: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، هذا كان عليه الصلاة والسلام يقوله غالبًا في صلواته في التشهد الأخير قُبيل السلام.


