logo
الرئيسية/مقاطع/طلب العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته

طلب العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته

مشاهدة من الموقع

طلب العلم لا يعدله شيءٌ، كما قال الإمام أحمد، قال: طلب العلم لا يعدله شيءٌ لمن صحَّت نيته [1].

وتأملوا -أيها الإخوة- هذه المقولة العظيمة: "طلب العلم لا يعدله شيءٌ لمن صحت نيته"، أي أنه من أفضل وأجل الأعمال؛ لأن الإنسان مهما كان عليه من القوة في العبادة؛ إذا لم يكن عنده علم؛ فلن يعبد الله تعالى كما يحب الله؛ لأن من ليس عنده علمٌ؛ يُشدِّد في مسائل جَعلت الشريعةُ فيها سعةً، ويتساهل في مسائل شددت فيها الشريعة، بينما الذي عنده علمٌ شرعيٌّ يعرف مَحَالَّ مَحَابِّ الله تعالى ومرضاته، ويعرف ما هو الأفضل من المفضول، ويعرف محالَّ سخط الله تعالى وغضبه، ويعرف الكبيرة والصغيرة والفرق بينهما.

فهذه هي ثمرة طلب العلم، فطلب العلم لا يعدله شيءٌ لمن صحت نيته؛ ولهذا فإن الله ذَكَر أعظم شهادةٍ في القرآن الكريم، وهي الشهادة على وحدانية الله سبحانه، وذكر ثلاث شهاداتٍ:

  1. شهادة الرب ، وهي أعظم شهادةٍ.
  2. وشهادة الملائكة.
  3. وشهادة طائفةٍ خاصةٍ من البشر، من هم؟ يقول الله : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18].

فذكر الله تعالى شهادته على وحدانيته، وهي أعظم شهادةٍ، وذكر بعد ذلك شهادة ملائكته المُسبِّحة بقدسه، ثم اختص من البشر طائفةً ذكر شهادتهم، وهم أولو العلم، وهذا فيه أعظم التزكية لهم؛ إذ إنه لا يُستشهد إلا بالعدول؛ فدل ذلك على أن أولي العلم أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل، لكن كما قال الإمام أحمد: "لمن صحت نيته"، لمن كان عاملًا بعلمه عالمًا وعاملًا بعلمه. فهؤلاء من أعظم البشر؛ ولهذا استشهد الله تعالى بهم.

ويقول الزهري رحمه الله: ما عُبد الله بأفضل من الفقه [2].

ولم يأمر الله تعالى نبيه محمدًا بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114]، وقال: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الزمر:9].

وفي "الصحيحين" من حديث معاوية أن النبي قال: مَن يُرِد الله به خيرًا؛ يفقهه في الدين [3].

وتأملوا -أيها الإخوة- هذا الحديث العظيم: من يُرِد الله به خيرًا، فإن مفهومه: أن من لم يرد به الخير؛ لا يوفق للفقه في الدين.

فإذا وجدتَ من نفسك الحرص على التفقه في دين الله ؛ فهذه أمارةٌ -إن شاء الله- على أنه أريدَ بك الخير.

^1 ينظر: الفروع لابن مفلح (2/ 339)، والجامع لعلوم الإمام أحمد (5/ 27).
^2 ينظر المجموع للنووي (1/ 21).
^3 رواه البخاري: 71، ومسلم: 1037.
zh