مِن رحمة الله تعالى بالإنسان: أن وكَّل به ملائكةً يحفظونه بأمر الله ، وكَّل الله تعالى بكل إنسانٍ ملكين يحفظانه من المكروه بإذن الله سبحانه، أمامه وخلفه؛ كما قال سبحانه: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يعني: أمامه، وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد:11]، أي: بأمر الله، وكما قال عليٌّ : "وكَّل الله ملكين يحفظان الإنسان بأمر الله، فإذا جاء القدر؛ خَلَّيَا بينه وبينه" [1].
إذا جاء القدر الذي قدَّره الله على الإنسان؛ خَلَّيَا بينه وبينه، وإلا فالأصل أن هذين الملكين يحفظان الإنسان بأمر الله ، وهما ملازمان له.
وكذلك وكَّل الله تعالى بكل إنسانٍ ملكين يكتبان أعماله؛ كما قال الله سبحانه: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:17-18]، فعن اليمين وعن الشمال ملكان: أحدهما يكتب الحسنات، والآخر يكتب السيئات.
فهؤلاء أربعةٌ من الملائكة: اثنان يحفظانه بأمر الله، واثنان يكتبان أعماله وأقواله بإذن الله ؛ فأصبح المجموع أربعةً.
وهؤلاء الأربعة يتعاقبون مع أربعةٍ آخرين، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر؛ فمعنى ذلك: أن هؤلاء الأربعة يكونون من صلاة الفجر إلى صلاة العصر، ثم يأتي أربعة ملائكةٍ آخرون يعقبونهم من صلاة العصر إلى صلاة الفجر.. وهكذا؛ كما قال النبي : يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل وملائكةٌ بالنهار، فيجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيسألهم ربُّهم وهو أعلم بهم: كيف وجدتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يُصَلُّون، وتركناهم وهم يصلون [2].
معنى هذا: أن كل إنسانٍ وُكِّل به في اليوم والليلة ثمانيةٌ من الملائكة، ثمانيةٌ من الملائكة مع كل إنسانٍ من بني آدم؛ وهذا يدل على عناية الله بهذا الإنسان، كيف أن الله وكَّل به ثمانيةً من الملائكة: أربعةً حافظين، وأربعةً كاتبين، لكنهم يتعاقبون؛ أربعةٌ من صلاة الفجر إلى صلاة العصر، وأربعةٌ من صلاة العصر إلى صلاة الفجر.