logo
الرئيسية/مقاطع/وصايا لطلاب العلم

وصايا لطلاب العلم

مشاهدة من الموقع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأوصي نفسي وأوصي الإخوة جميعًا بتقوى الله ​​​​​​​؛ فإنها أعظم وصيةٍ، وهي وصية الله للأولين والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131].

والإنسان لا ينفعه بعد مماته إلا ما قدمت يداه من أعمالٍ صالحةٍ، وإلا فإن ما بيده من مالٍ أو غيره مِن مُتَع الدنيا تذهب وتزول: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ [النحل:96]، يقول النبي : يتبع الميتَ ثلاثةٌ: أهله، وماله، وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحدٌ؛ يرجع أهله وماله، ويبقى عمله [1].

فلا ينفع الإنسانَ بعد مماته إلا عملُه الصالح؛ فعلى المسلم أن يغتنم زمن حياته بالتزود بزاد التقوى، وفي أن يعمل صالحًا.

وأوصي الإخوة جميعًا بالحرص على طلب العلم؛ فإن طلب العلم لا يعدله شيءٌ لمن صحت نيته كما قال الإمام أحمد [2].

يقول النبي : مَن يُرِد اللهُ به خيرًا؛ يُفقِّهه في الدين [3].

ومِن أبرز آداب طلب العلم:

أولًا: إخلاص النية لله سبحانه؛ فإن طالب العلم إذا لم يُخلص النية لله تعالى؛ كان علمه وبالًا على صاحبه، طالب العلم إذا لم يخلص النية لله ​​​​​​​ كان علمه وبالًا عليه يوم القيامة.

وقد ذكر النبي أن مِن أول مَن تُسعَّر بهم النار يوم القيامة رجلًا تعلَّم العلم وعلَّمه الناس، وقرأ القرآن، فيُلقَى على وجهه في النار، وتُسعَّر به النار، ويقال: تعلَّمتَ؛ ليقال لك: عالمٌ، وقرأت القرآن؛ ليقال: لك قارئٌ، فقد قيل [4].

فانظر إلى هذا الرجل كيف أن عِلمه أصبح وبالًا عليه؛ بسبب سوء النية وسوء المقصد.

وأيضًا من آداب طالب العلم: العمل، أن يعمل بما يعلم، وإلا فعلمٌ بلا عملٍ لا فائدة منه، فلا يليق بطالب العلم مثلًا ألا يُصلي صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد، إذا كانت تفوته الصلاة مع الجماعة في المسجد؛ فما الفائدة من علمه إذنْ؟! فلا بد أن يعمل طالب العلم بعلمه.

وأيضًا من آداب طالب العلم: الصبر؛ فإن العلم لا يستطاع براحة الجسد، لا بد من الصبر في طلبه وفي تحصيله، وقد كان السلف الصالح يرتحلون في سبيل طلب العلم، وارتحل جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما من المدينة إلى الشام؛ من أجل سماع حديثٍ واحدٍ فقط، وارتحل أبو أيوب الأنصاري  من المدينة إلى مصر؛ من أجل سماع حديثٍ واحدٍ فقط، والرحلة في طلب العلم مشهورةٌ في كتب السير والتراجم.

أما في وقتنا الحاضر فقد أصبح العلم ميسورًا ومبذولًا، وما على طالب العلم إلا أن يشحذ همته لطلب العلم؛ فقد تيسرت وسائل تحصيل العلم أكثر من أي وقتٍ مضى.

وأيضًا من آداب طالب العلم: أن يكون لهذا العلم أثرٌ على طالب العلم؛ في سَمْته، وفي سلوكه، وفي أخلاقه، وفي تعامله مع الآخرين.

فلا يليق بطالب العلم أن يتعامل مع الناس بأخلاقٍ سيئةٍ، بل ينبغي أن يتعامل بالخلق الحسن الفاضل، وأن ينعكس العلم عليه في تعاملاته.

وأيضًا ينبغي أن يكون للعلم أثرٌ عليه بالدعوة إلى الله ؛ فإن الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال، ومقامها عظيمٌ جدًّا، والله تعالى يقول: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].

أسأل الله تعالى أن يستعملنا جميعًا في طاعته، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

^1 رواه البخاري: 6514، ومسلم: 2960.
^2 الجامع لعلوم الإمام أحمد (5/ 40).
^3 رواه البخاري: 71، ومسلم: 1037.
^4 رواه مسلم: 1905.
zh