عندما يقع للإنسان مصيبةٌ؛ فلا تخلو حاله من أربعٍ:
- الحال الأولى: التسخط، إما بالقول أو بالفعل، التسخط بالفعل؛ كأن يلطم وجهه، أو يشق ثوبه، أو يقطع شعره، والتسخط بالقول؛ كأن يعترض على قضاء الله وقدره ويقول: يا رب، لماذا أُصِبتُ بهذه المصيبة؟! ويكون متسخطًا على ربه ، فهذا التسخط بالقول أو بالفعل محرمٌ، بل من كبائر الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام: ليس منا مَن شقَّ الجيوب، ولَطَم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية [1].
- الحال الثانية: الصبر؛ وذلك بأن يحبس نفسه عند المصيبة عن الكلام المحرم وعن الأفعال المحرمة، وقد لا يكون راضيًا بها لكنه يصبر ويحبس نفسه عن الأقوال والأفعال المحرمة، هذا يسمى: الصبر، وحكمه: الوجوب.
- الحال الثالثة: الرضا؛ وذلك بأن يرضى بهذه المصيبة، وأن يقول: إن هذه الدنيا لا تساوي شيئًا، وإذا صبرتُ وقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ سوف أنال من الله رحمةً وهدايةً وصلواتٍ: أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157]، ويقول: إن ما حصل بقضاء الله وقدره؛ فيرضى ويُسلِّم ويستسلم لقضاء الله وقدره، وهذه الحال -وهي الرضا بالمصيبة- لا يستطيعها أكثر الناس؛ ولهذا من رحمة الله تعالى أنها ليست واجبةً، وإنما مستحبةٌ؛ فالرضا بالمصيبة مستحبٌّ.
- الحال الرابعة: الشكر؛ وذلك بأن تقع له المصيبة فيصبر ويرضى ويحمد الله تعالى ويشكره؛ لأنه سينال على هذه المصيبة صلواتٍ من ربه ورحمةً وهدايةً، ويرجو ما عند الله من الأجر والثواب؛ فيحمد الله تعالى ويشكره، بعدما يسترجع؛ يحمد الله ويشكره، وهذه إذا قلنا: إن الرضا مستحبٌّ؛ فهذه المنزلة -وهي الحمد والشكر عند المصيبة- مستحبةٌ من باب أولى.
على هذا نقول: عندما تقع للإنسان مصيبةٌ؛ لا يخلو حاله:
- إما أن يتسخط قولًا أو فعلًا، وهذا محرمٌ.
- وإما أن يصبر ولو لم يرضَ، فهذا واجبٌ.
- وإما أن يرضى، وهذا مستحبٌّ.
- وإما أن يشكر، فهذا مستحبٌّ.
^1 | رواه البخاري: 1294، ومسلم: 103. |
---|