جاء في "صحيح البخاري" عن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما أن أبا بكرٍ الصديق قال: قلت: يا رسول الله، علمني دعاءً أدعو به في صلاتي، فقال له النبي : قل: اللهم ربِّ إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم [1].
هذا الدعاء أوصى به النبي أبا بكرٍ الصديق ، وهي وصيةٌ للأمة جميعًا.
فينبغي لك -أخي المسلم، أختي المسلمة- إذا كنت في صلاتك في التشهد الأخير: أتيت بالتشهد، ثم أتيت بالصلاة عن النبي ، ثم بعد ذلك تدعو الله بما يحضرك من خيري الدنيا والآخرة؛ كما جاء في الحديث: ثم ليتخَيَّر من الدعاء ما أعجبه [2].
ومن أعظم الأدعية التي ينبغي أن يحافظ عليها المسلم في كل صلاة يصليها، فريضةً كانت أو نافلةً: هذا الدعاء العظيم، وهو أن تقول: اللهم رب إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم.
فهذا الدعاء يبتدئ أولًا بأن يُظهر العبدُ ظلمه لنفسه، وذلك بارتكاب المعاصي؛ فإن الإنسان بارتكابه المعصية يكون قد ظلم نفسه؛ لكونه قدَّم لها شهوةً حاضرةً مقابل تفويتها مصالح عظيمةً، ومقابل تعريضها للعقوبة، فهو بهذا يكون قد ظلم نفسه.
رب إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا يعني: وقعتُ في ذنوبٍ كثيرةٍ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت هذا إقرار من العبد بأنه لا يغفر الذنوب إلا الله ؛ كما قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135].
فتقول: ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك: تسأل الله المغفرة، وهذه المغفرة تسأل الله أن تكون مغفرةً من عنده، يعني: مغفرةً عظيمةً واسعةً؛ لأنها مغفرةٌ من عند الله ، والله تعالى هو الغفور الغفار، واسع المغفرة.
وارحمني: تسأل الله تعالى أن يرحمك، وأن يهب لك رحمةً من لدنه، إنك أنت الغفور الرحيم.
فهذا الدعاء دعاءٌ عظيمٌ، ينبغي أن يحافظ عليه المسلم في كل صلاةٍ يصليها فريضةً كانت أو نافلةً.
