سئل الإمام مالكٌ: أيُعبِّر الرؤى كل أحدٍ؟ قال: أيُلعب بالنبوة، الرؤيا جزءٌ من النبوة [1].
ومراده رحمه الله: قول النبي : الرؤيا جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءًا من النبوة [2].
وبيَّن العلماء معنى ذلك، وهو أن الرؤيا جزءٌ من ستةٍ وأربعين؛ لأن النبي مكث في البعثة والنبوة والرسالة ثلاثًا وعشرين سنةً، وكان في الستة الأشهر الأولى لا يرى في منامه رؤيا إلا رآها في النهار كفلق الصبح؛ ومعنى ذلك: أن نسبة ستة أشهرٍ إلى ثلاثٍ وعشرين، هي كنسبة واحدٍ إلى ستةٍ وأربعين.
فهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام: الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.
ولهذا لا يُعبِّر الرؤيا كل أحدٍ، وإنما يعبر الرؤيا مَن أُعطي علم التعبير، وتعبير الرؤى جزءٌ منه موهبةٌ، وجزءٌ منه مكتسبٌ، ولا بد من معرفة حال الرائي والزمان والمكان، وأمور أخرى لا بد من معرفتها للمعبر؛ حتى يكون التعبير دقيقًا؛ ولهذا فقد يرى اثنان رؤيا متشابهةً تُعبَّر لأحدهما بتعبيرٍ، وتُعبَّر للآخر بتعبيرٍ مختلفٍ.
ولهذا ينبغي ألا يُعبِّر الرؤيا إلا مَن كان عنده علمٌ بالتعبير، أما من لم يكن عنده علمٌ بالتعبير؛ فلا يجوز له أن يُقْدِم على تعبير الرؤى؛ إذ إن هذا لعبٌ وعبثٌ بجزءٍ من النبوة.