logo
الرئيسية/مقاطع/خُلُق المُدَارَاة

خُلُق المُدَارَاة

مشاهدة من الموقع

قال الحسن رحمه الله: كانوا يقولون: المداراة نصف العقل، وأنا أقول: بل المداراة العقل كله [1].

والمداراة: تعني الملاينة والملاطفة، وقد كان النبي يستعملها، خاصةً مع من في خُلُقه شدةٌ، لمَّا قيل له: إن فلانًا عند الباب يستأذن، قال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة! أو قال: بئس ابن العشيرة!، فلما دخل؛ لاطفه النبي وداراه وألان له الكلام، فلما خرج؛ قيل له: يا رسول الله، قلت كذا، ورأيناك ألنت له الكلام ولاطفته؟ قال: إن مِن أشَرِّ الناس مَن تَرَكه الناس اتقاء فُحْشه [2].

فاستعمل النبي خُلُق المداراة مع هذا الرجل؛ لأن في خلقه شدةً، وهكذا ينبغي للمسلم أن يستعمل هذا الخلق -خلق المداراة والملاينة والملاطفة والمجاملة- مع الناس.

والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة تعني: بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين، وأما المداهنة فتعني: بذل الدين لصلاح الدنيا.

والمداهنة مذمومةٌ؛ لأن المداهن هو الذي يريد أن يتأكَّل بدينه في سبيل تحقيق دنياه ومصالحه، وهي مذمومةٌ ذمًّا شديدًا، بينما المداراة ممدوحةٌ، ومن الأخلاق الكريمة الفاضلة؛ وذلك بأن يبذل الإنسان شيئًا من دنياه لصلاح دنياه أو دينه؛ وذلك بأن يجامل الناس، وأن يلاطفهم، وأن يبتعد عن الفحش في القول، وأن يكون لطيفًا مع من يقابله.

هذه أمورٌ مطلوبةٌ من المسلم، وتسمى "المداراة"، وهي من الأخلاق الكريمة، وتَدخل في الخلق الحسن.

^1 الآداب الشرعية لابن مفلح (3/ 468).
^2 رواه البخاري: 6054، ومسلم: 2591.
مواد ذات صلة
zh