logo
الرئيسية/مقاطع/حياة الخلود

حياة الخلود

مشاهدة من الموقع

جاء في "الصحيحين" عن أبي سعيدٍ  أن النبي قال: يُجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبشٌ أملح، ثم يقال: يا أهل الجنة، فيشرئبُّون وينظرون، فيقولون: نعم، فيقال: هذا الموت، أتعرفونه؟ فيقولون: نعم، ثم يقال: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، ويقال لهم: أتعرفون هذا الموت؟ فيقولون: نعم، ثم يُذبح في مكان بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة، خلودٌ فلا موتٌ، ويا أهل النار، خلودٌ فلا موتٌ [1]، وهذه هي نهاية الرحلة البشرية.

نحن الآن -أيها الإخوة- في أخطر مراحل الرحلة البشرية، في مرحلة العمل، فمَن أحسنَ في هذه المرحلة، وعمل صالحًا، وتزوَّد بزاد التقوى؛ فإنه في حياة الخلود، يسعد السعادة الأبدية، ومن ضاع عليه عمره في لهوٍ وفي غفلةٍ، ولم يتزوَّد بزاد التقوى؛ فإنه يبوء بالحسرة والندامة.

فنحن الآن في مرحلة العمل، ويعقبها مرحلة الجزاء والحساب، ثم تكون نهاية الرحلة البشرية: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7].

ثم إن الله ​​​​​​​ يُخرج برحمته مَن كان في النار ممن مات على التوحيد ومن أهل الكبائر، فيخرجون برحمة الله بعد تهذيبهم وتنقيتهم، ويدخلون الجنة برحمة أرحم الراحمين، حتى إذا خرجوا ولم يتبقَّ منهم أحدٌ؛ يُجاء بالموت على صورة كبشٍ أملح، ثم يُذبح في مكانٍ بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة، خلودٌ فلا موتٌ، ويا أهل النار، خلودٌ فلا موتٌ.

وهذه هي نهاية الرحلة البشرية: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7] في حياة الخلود.

فريق في الجنة يتنعمون فيها النعيم العظيم؛ فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، لا همٌّ فيها ولا نصبٌ ولا تعبٌ، ولا غمٌّ ولا مرضٌ ولا هَرَمٌ، ولا موتٌ، نعيمٌ دائمٌ، وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف:71].

وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِوهم أهل النار الذين يُعذَّبون فيها العذاب العظيم الذي يصفه النبي بقوله: نارُكم هذه التي تُوقدون أي في الدنيا جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم قالوا: يا رسول الله، إن كانت لكافيةً، قال: إنها فُضِّلت عليها بتسعةٍ وستين جزءً [2].

فينبغي -أيها الإخوة- أن نغتنم ما تبقَّى من أعمارنا في التزوُّد بزاد التقوى، وفي الأعمال الصالحة، وفي الاستعداد لحياة الخلود.

^1 رواه البخاري: 4730، ومسلم: 2849.
^2 رواه البخاري: 3265، ومسلم: 2843.
zh