logo
الرئيسية/مقاطع/أفضل الأعمال بعد الفرائض

أفضل الأعمال بعد الفرائض

مشاهدة من الموقع

سئل الإمام ابن تيمية رحمه الله عن أفضل الأعمال بعد الفرائض، فقال: إن هذا مما يختلف باختلاف الناس، ومما يختلف باختلاف الأحوال، ولكن مما هو كالمجمع عليه بين العلماء: أن ملازمة العبد ذكر ربه أفضل ما شَغَل به العبد نفسه [1].

أي أن أفضل الأعمال بعد الفرائض كثرة ذكر الله ​​​​​​​، وقد جاء رجلٌ للنبي فقال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ، فمرني بشيءٍ أتشبث به، فقال النبي : لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله ​​​​​​​​​ ​​​​[2].

فكثرة ذكر الله سبحانه من أفضل الأعمال ومن أعظمها، ومن أثقلها في الميزان، ومع ذلك هي من أيسر الأعمال، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، أن الذكر مع كونه من أفضل الأعمال؛ فهو أيضًا من أيسر الأعمال؛ ولهذا جاء في حديث أبي الدرداء  أن النبي قال: ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخيرٍ لكم من أن تَلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله ​​​​​​​ [3].

فأفضل ما شَغَل به العبد نفسه: ذكر الله سبحانه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]، إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ إلى أن قال: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35].

فكثرة ذكر الله تعالى من أفضل الأعمال ومن أجلِّها، ومن أعظم ما يربط العبد بالله تعالى والدار الآخرة؛ ولهذا جاء رجلٌ للحسن فقال: يا أبا سعيد، أجد قسوةً في قلبي، فما العلاج؟ قال: أَذِبْ قسوة قلبك بكثرة ذكر الله ​​​​​​​ [4].

وهذا معنًى عميقٌ؛ فإن الإنسان إذا أكثر من ذكر الله سبحانه؛ قَوِيَ تعلُّقه بالله، وقَلَّ تعلقه بالأمور المادية؛ فكان ذلك سببًا لرقة قلبه، بينما إذا تعلق الإنسان بالأمور المادية، وغفل عن ذكر الله سبحانه؛ يقسو قلبه ويغفل عن الله وعن الدار الآخرة، وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:19].

^1 مجموع الفتاوى (10/ 660).
^2 رواه الترمذي: 3375، وابن ماجه: 3793، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
^3 رواه الترمذي: 3377، وابن ماجه: 3790، وأحمد: 27525.
^4 ذم الهوى لابن الجوزي (ص 69)، والوابل الصيب لابن القيم (ص 171).
zh