logo
الرئيسية/مقاطع/سبب تأليف "صحيح البخاري"

سبب تأليف "صحيح البخاري"

مشاهدة من الموقع

ذكر الحافظ الذهبي في "السِّيَر" عن البخاري صاحب "الصحيح" أبي عبدالله، قال: كنت في مجلس إسحاق بن راهويه في مجلس شيخه إسحاق، فقال بعض أصحابنا: لو أن أحدكم جمع كتابًا مختصرًا في سنن النبي ، قال البخاري: فوقع ذلك في نفسي، فقرَّر من تلك اللحظة تأليف "صحيح البخاري" [1].

فسبحان الله! كلمةٌ قالها رجلٌ في مجلس علمٍ كانت سببًا لتصنيف كتابٍ هو من أعظم دواوين الإسلام، هل هذا الرجل كان يتوقع أن كلمته العابرة هذه في مجلسٍ ستكون سببًا لتأليف هذا الكتاب العظيم؟! ما كان يخطر بباله ذلك، وحتى الذهبي لم يذكر مَن هو ذلك الرجل، لكن كان في مجلس إسحاق.

وذُكر في ترجمة الحافظ الذهبي أنه رآه البِرْزَاليُّ في صغره، الحافظ البرزالي رأى الحافظ الذهبي، رآه غلامًا صغيرًا، ورأى خطه، فقال له كلمةً، قال: خطُّك هذا يشبه خط المحدثين، قال: فحُبب إليَّ من تلك اللحظة، حبب إليَّ علم الحديث، فتخصص في الحديث وأصبح أحد كبار المحدثين وأحد الحفاظ [2].

فرب كلمةٍ تشجيعيةٍ تقولها لإنسانٍ تكون سببًا لخيرٍ عظيمٍ، هذا الرجل قال هذه الكلمة، فكانت بداية فكرة تصنيف "صحيح البخاري"، والبرزالي قال للحافظ الذهبي وهو صغيرٌ: خطك يشبه خط المحدثين، كلمةٌ تشجيعيةٌ لغلامٍ صغيرٍ، لكنها أثرت فيه وجعلته يتجه لعلم الحديث، وحببت إليه علم الحديث.

ولذلك ينبغي أن يكون هناك تشجيعٌ خاصٌّ لمن كان عنده نباهةٌ وذكاءٌ، أن يشجَّع على فعل الخير وعلى عمل الخير، وأن يُقترح له أعمال خيرٍ، ربما تَقترح على إنسانٍ تأليف كتابٍ فيقع ذلك في نفسه؛ فتكون كلمتك هذه سببًا لتأليف ذلك الكتاب، أو لمشروعٍ عظيمٍ من مشاريع الخير، ونحو ذلك.

^1 سير أعلام النبلاء (12/ 401).
^2 تكملة سير أعلام النبلاء للذهبي: (30/ 423).
zh