جاء في "الصحيحين" أن النبي قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى [1]، وهذا فضلٌ عظيمٌ لكافل اليتيم: أنه يكون مرافقًا للنبي في الجنة؛ فكفالة الأيتام من أفضل وأجلِّ الأعمال الصالحة.
ولكن ما المراد بكفالة اليتيم؟ المراد بكفالة اليتيم: رعايته، أن يَرعى هذا اليتيم كما يرعى أولاده؛ يكون معه في المنزل، ويرعاه وينفق عليه، ويقوم بشؤونه ويحميه، ويقوم بجميع أنواع الرعاية، يعامله وكأنه أحد أبنائه، هذه هي كفالة اليتيم، وهي التي ورد فيها الفضل العظيم والثواب الجزيل.
أما دفعُ مالٍ لجهةٍ خيريةٍ تقوم برعاية الأيتام؛ فهذه صدقةٌ على يتيمٍ وليست كفالة يتيمٍ؛ لأن هذه الجهات الخيرية تُقدِّم هذه المعونات لأسر الأيتام، وهذا عملٌ صالحٌ عظيمٌ.
لكن المقصود بكفالة الأيتام: أي رعاية الأيتام، أن يرعى اليتيم ويقوم بشؤونه كأن هذا اليتيم أحد أولاده، هذا هو المقصود بكفالة اليتيم، هذه هي الدرجة العليا: أن يكون اليتيم عنده في المنزل، ويقوم برعايته، ويقوم بشؤونه، ويتعامل معه كأنه أحد أولاده.
يليها في الدرجة أن يتصدَّق على اليتيم بأن يُعطيه مساعدةً ماليةً، أو يعطي جهاتٍ خيريةً مساعدةً ماليةً توصلها لهذا اليتيم، فهذه تُعتبر صدقةً على اليتيم، وهي عملٌ صالحٌ.
وفي معنى اليتيم: مجهول النسب، فالقيام عليه وعلى شؤونه كالقيام على اليتيم تمامًا، بل إن مجهول النسب رعايته أولى من رعاية اليتيم؛ لأن اليتيم له أقارب يقومون بشؤونه، لكن مجهول النسب ليس له أحدٌ؛ ولذلك فكفالة مجهول النسب هي في الأجر مثل كفالة اليتيم.
فكون الإنسان يكون عنده مثلًا في المنزل هذا الطفل -وهو مجهول النسب- ويقوم على شؤونه ويتعامل معه وكأنه أحد أولاده؛ هذا في معنى كافل اليتيم، وينال -بإذن الله عز وجل- الأجر العظيم الوارد في فضل كفالة اليتيم.
^1 | رواه البخاري: 5304، ومسلم: 2983. |
---|