logo
الرئيسية/مقاطع/ضرر المن والأذى على أجر الصدقة

ضرر المن والأذى على أجر الصدقة

مشاهدة من الموقع

قد يتصدق الإنسان بصدقةٍ مخلصًا فيها لله ​​​​​​​، ويوصل هذه الصدقة لمستحقيها، ومع ذلك لا تُقبل منه هذه الصدقة، لماذا؟ لأنه ألحق هذه الصدقة بالمن والأذى؛ فإن المن والأذى يُبطل أجر الصدقة تمامًا؛ كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [البقرة:264]، ثم ضرب الله تعالى مثلًا عجيبًا: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ يعني: حجرٍ أملس عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ، يعني: مطرٌ غزيرٌ، فَتَرَكَهُ صَلْدًا [البقرة:264]. 

ما ظنك بحجرٍ أملس عليه ترابٌ نزل عليه مطرٌ غزيرٌ؟! هل يَبقى شيءٌ من ذلك التراب؟ هكذا المن والأذى، يذهبان الأجر تمامًا كما يُذهب المطر الغزير التراب عن الحجر الأملس؛ ولهذا فِمن المهم عند الصدقة على الفقير: حِفظ كرامته، وإلا إذا كنت ستتصدق عليه وتجرح كرامته؛ فلا خير في هذه الصدقة؛ كما قال ربنا سبحانه: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى [البقرة:263].

إذا كنت ستتصدق وتجرح كرامة الفقير بالمن والأذى؛ فلا تتصدق إذنْ، وإنما قل له قولًا معروفًا، قل له كلامًا حسنًا، هذا خيرٌ من الصدقة التي يتبعها المن والأذى.

و"المن": أن الإنسان يُعدِّد نعمه ومعروفه على ذلك الفقير، فيقول: ألم أعطك كذا، وأفعل بك كذا؟ ونحو ذلك، فهو يمتنُّ عليه بطريقٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ.

و"الأذى": أن يُلقِي عليه كلامًا جارحًا، فيتكلم عليه بكلامٍ غير مناسبٍ، وبكلامٍ يتألم منه الفقير، وربما يجرح كرامته. 

فعلى المتصدق أن يحرص عند الصدقة على حفظ كرامة الفقير، وألا يُتبع هذه الصدقة بالمن والأذى، وإلا إذا كان سيُتبعها بالمن والأذى؛ فيقول قولًا معروفًا، خيرٌ من أن يتصدق: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى [البقرة:263].

ولهذا -أيها الإخوة- عندما نتأمل قول النبي : لا حسد -يعني: لا غبطة- إلا في اثنتين..، ذكر أولًا رجلًا أعطاه الله تعالى مالًا فسلَّطه على هلكته في الحق [1].

تأمل قوله: هلكته، يعني: كأنه أهلك هذا المال وانقطعت صلته به، فلم يُتبعه منًّا ولا أذًى، تصدق لله ​​​​​​​: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا [الإنسان:9].

أما الذي يمتن على الفقير ويُؤذيه بكلماتٍ غير مناسبةٍ؛ فإن هذا يُبطل أجر الصدقة، وهذه من مداخل الشيطان على الإنسان، بعض الناس يكون محسنًا، ويبذل الصدقات، ويكون مخلصًا لله، يعني ليس مرائيًا، لكن عنده هذا الخلق الذميم، وهو المن والأذى، فهذا المن والأذى يُبطل أجر الصدقة تمامًا، وهذا من مداخل الشيطان على الإنسان.

فينبغي أن يحرص المسلم عندما يتصدق: أن يحفظ كرامة الفقير، وأن يجعل هذا مبدأً له عندما يتصدق، وعندما يبذل الخير، وعندما يبذل المعروف عمومًا، يبتعد عن صور المن والأذى بأي وجهٍ من الوجوه.

^1 رواه البخاري: 73، ومسلم: 816.
مواد ذات صلة
zh