وطلبُ العلم -أيها الإخوة- عبادةٌ عظيمةٌ من أجلِّ وأعظم العبادات، ومجلس العلم من مجالس الذكر التي تحفها الملائكة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: إن لله ملائكةً سيارةً تلتمس مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلس ذكرٍ؛ قالوا: هَلُمُّوا إلى حاجتكم..، وفي آخر الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: يقول الله: أُشهِدكم أني قد غفرت لهم، فتقول الملائكة: يا رب، إن فيهم فلانًا ليس منهم، وإنما أتى لحاجةٍ، فيقول الله: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم [1].
حتى من حضر حلقات العلم ومجالس العلم، ولو لم يستفِد، تشمله البركة، وتشمله المغفرة: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم؛ ولهذا الملائكة قالت: يا رب، إن فلانًا ليس منهم، وإنما أتى لحاجةٍ وجلس، فيقول الله: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وقد ذكر أهل العلم -وممن نص على هذا: النووي في "المجموع" [2] وغيرُه- أن الاشتغال بطلب العلم أفضل من الاشتغال بنوافل العبادات؛ وذلك لأن طلب العلم نفعُه مُتعَدٍّ، بينما نوافل العبادات نفعها قاصرٌ على أصحابها.