logo
الرئيسية/مقاطع/جهاد النفس

جهاد النفس

مشاهدة من الموقع

جهاد النفس هو أعظم الجهاد، بل كما قال ابن القيم وغيره، قالوا: إن أنواع الجهاد الأخرى ترجع لهذا الجهاد [1].

ولهذا لو أن رجلًا قاتَل المشركين لكنه مُرَاءٍ؛ فإن هذا القتال يكون وبالًا عليه؛ لكونه لم يجاهد نفسه في إخلاص النية لله ؛ فدل ذلك على أن جهاد النفس هو أعظم الجهاد، وهو أصل الجهاد؛ النفس بطبيعتها تنجرف للهوى؛ كما قال الله تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ۝ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:40-41].

فالنفس تحتاج إلى نهيٍ، وإلا لو تَركتَ النفس وأعطيتها هواها؛ فإنها تقود الإنسان إلى الرَّدَى وإلى المهالك، فهي تحتاج إلى نهيٍ، والنفس إذا رأت من الإنسان حزمًا وعزمًا؛ فإنها تنقاد له؛ كما قال الشاعر:

والنفس كالطفل إن تُهْمله شبَّ على حُبِّ الرَّضاع وإن تفطمه ينفطمِ

أرأيت الطفل الرضيع؟ عندما يُفطم عن الرضاع؛ يتألم ويبكي يومًا أو يومين ثم ينفطم؛ هكذا النفس تنقاد للإنسان إذا تعامل معها بحزمٍ وعزمٍ. 

ولذلك إذا كان الإنسان حازمًا مع نفسه؛ لا يجد صعوبةً في الإتيان بالواجبات الشرعية، ولا في الكف عن المعاصي، ولكن عندما يكون عند الإنسان ضعفٌ مع نفسه؛ فإن النفس تغلبه.

رجلٌ من الناس يقول: إنني أتمنى أن أحافظ على صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد، قلت له: وما الذي يمنعك؟ قال: تغلبني نفسي، قلت: هذا ليس عذرًا، لو كان عندك حزمٌ وعزمٌ، ورفعتَ مستوى اهتمامك بالصلاة؛ ما غلبتك نفسك.

فالنفس تحتاج إلى نهيٍ: وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى [النازعات:40]، وتحتاج إلى مجاهدةٍ.

فعلى المسلم أن يجاهد نفسه حتى تستقيم على طاعة الله ، وحتى يحصل زكاء النفس: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۝ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

^1 زاد المعاد لابن القيم  (3/ 6).
zh