جاء في حديث البراء أن النبي قال يومًا لأصحابه: أتدرون ما أوثق عُرَى الإيمان؟، قالوا: الصلاة، قال: هي حسنةٌ، ولكن ليست هي، قالوا: الزكاة، قال: هي حسنةٌ، لكن ليست هي، قالوا: صيام رمضان، قال: هو حسنٌ، لكن ليس هو، قالوا: الحج، قال: هو حسنٌ، لكن ليس هو، قالوا: الجهاد، قال: هو حسنٌ، لكن ليس هو، قالوا: فما هو يا رسول الله؟ قال: أن تُحِبَّ في الله، وأن تُبغِض في الله [1]، رواه أحمد بسندٍ حسنٍ.
أوثق عرى الإيمان: هو الحب في الله والبغض في الله، وهذا الحب في الله والبغض في الله مشاعرُ قلبيةٌ، لكن لها اعتبارها عند الله سبحانه، فهي أوثق عرى الإيمان.
وقد جاء في "صحيح مسلمٍ" عن أبي هريرة عن النبي قال: إن رجلًا زار أخًا له في قريةٍ، فأرصد اللهُ تعالى في مَدْرَجَتِه -يعني في طريقه- مَلَكًا -يعني على هيئة رجلٍ- فقال: أين تريد؟ قال: أريد أن أزور أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك من نعمةٍ تَرُبُّها عليه؟ -يعني: هل بينك وبينه مصالح دنيويةٌ- قال: لا، غير أني أحببته في الله، قال: فإني رسول الله إليك: أن الله قد أحبك كما أحببته [2]؛ فدل هذا على أن الحب في الله من أسباب نيل محبة الله .
وقد جاء في "صحيح مسلمٍ" عن أبي هريرة أن النبي قال: إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أُظِلُّهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي [3].
فالحب في الله من أسباب أن يكون الإنسان في ظل الله ، والمراد: إما ظل العرش، أو ظلٌ يخلقه الله سبحانه وتعالى.
وروى مالكٌ في "الموطأ" بسندٍ صحيحٍ عن النبي أن الله تعالى يقول: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ [4]، يعني: المتهادين فيَّ؛ فإذنْ الحب في الله من أسباب نيل محبة الله ؛
فينبغي للمسلم أن يُعنَى بهذه المشاعر القلبية، أن يضبط مسألة الحب والبغض، وأن يحب في الله وأن يبغض في الله؛ فإن هذا من أوثق عرى الإيمان.