logo
الرئيسية/مقاطع/سخاوة النفس من أسباب حلول البركة

سخاوة النفس من أسباب حلول البركة

مشاهدة من الموقع

جاء في"الصحيحين" عن حكيم بن حزامٍ قال: سألت النبي فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، إن هذا المال خَضِرٌ حلوٌ، فمن أخذه بسخاوة نفسٍ؛ بُورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس؛ لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى، قال حكيمٌ: والله لا أَرْزَأ بعدك -يا رسول الله- أحدًا أبدًا، يعني: لا أطلب من أحدٍ شيئًا.

فكان في خلافة أبي بكر الصديق يعطيه أبو بكرٍ حقه من العطاء فيأبى، وفي خلافة عمر يعطيه حقه فيأبى، فيقول عمر: أشهدكم أني أعطيه حقه وأنه يأبى ذلك [1].

فانظر كيف أن النبي أولًا تعامل مع هذا الصحابي، هذا الصحابي كان غافلًا عن هذه المعاني، أعطاه النبي عليه الصلاة والسلام في المرة الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم قدَّم له هذه النصيحة بلطفٍ ولينٍ، فتأثَّر بها لدرجة أنه قرَّر مِن ذلك الحين ألا يسأل أحدًا شيئًا.

ثم تأمَّل في هذه الكلمات العظيمة التي  نصح بها النبي ﷺ حكيمًا، وهي نصيحةٌ للأمة جميعًا: إن هذا المال خضرٌ حلوٌ، المال محبوبٌ للنفوس؛ كما قال ربنا سبحانه: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [الفجر:20].

فمن أخذه بسخاوة نفسٍ: يعني: من أخذ هذا المال بسخاوة نفس؛ بورك له فيه، فسخاوة النفس من أسباب حلول البركة.

معنى "سخاوة النفس": ألَّا يتعلق الإنسان بهذا المال، وألا يكون عنده إشرافٌ وطمعٌ وجشعٌ.

ولهذا قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك: ومن أخذه بإشراف نفسٍ، يعني: بتعلقٍ وجشعٍ وطمعٍ؛ لم يبارك له فيه، التعلق والجشع وإشراف النفس من أسباب نزع البركة في المال، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، ثم قال عليه الصلاة والسلام: واليد العليا، وهي المُنفِقة والمعطية، خيرٌ من اليد السفلى، وهي الآخذة.

فينبغي للمسلم أن يستحضر هذه المعاني، وإذا أخذ المال؛ يأخذه بسخاوة نفس؛ فإن هذا من أسباب حلول البركة في المال، وأن يبتعد عن إشراف النفس، وعن التعلق الشديد بالمال، وعن الجشع والطمع؛ فإن هذه المعاني تكون سببًا لنزع البركة من هذا المال.

^1 رواه البخاري: 2750، ومسلم: 1052.
مواد ذات صلة
zh