جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة أن النبي قال: ما من يومٍ يصبح العباد فيه؛ إلا وينزل ملكان من السماء، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا [1].
فبيَّن عليه الصلاة والسلام أنه في كل يومٍ يُصبح العباد فيه -يعني: مع صباح كل يومٍ- ينزل هذان الملكان من السماء، أحدهما يدعو للمنفق بالخَلَف؛ للمنفق في سبل الخير عمومًا، ومن ذلك الصدقات، ولو بمبلغٍ يسيرٍ، إذا تصدقت ولو بمبلغٍ يسيرٍ؛ فإنك تدخل في دعوة المَلَك لك بالخَلَف، بأن يُخلف الله عليك.
وهذا الخلف إما أن يكون حسيًّا؛ بأن يُخلف الله عليك ما أنفقته أضعاف أضعافٍ، وإما أن يكون بحلول البركة، وإما أن يكون بدفع البلاء، وإما أن يكون بغير ذلك، بحسب ما تقتضيه حكمة الله .
ودعاءٌ تدعو به الملائكة حَرِيٌّ بأن يُستجاب، هذه بشارةٌ لمن يُنفق في سبل الخير بأن الملك كل يومٍ يدعو له بالخَلَف؛ لذلك -يا أخي المسلم- ينبغي لك كل يومٍ أن تتصدق فيه لله بصدقةٍ، ولو بمبلغٍ يسيرٍ؛ حتى تدخل في دعوة الملك لك بالخلف.
والمَلَك الآخر يدعو على المُمسِك بالتلف، والمراد بالممسك: أي الممسك في إنفاق ما أوجبه الله عليه؛ كالممسك عن دفع الزكاة مثلًا، أو الممسك عن النفقة الواجبة، ونحو ذلك، فيدعو عليه المَلَك بالتلف.
والتلف إما أن يكون تلفًا حسيًّا؛ بأن يتلفه الله ويهلكه، أو أن يكون التلف بنزع العافية والصحة منه؛ بتلف مثلًا بعض أعضائه، أو أن يكون التلف بغير ذلك، بحسب ما تقتضيه حكمة الله .
فينبغي لك -أخي المسلم- أن تجعل هذا الحديث العظيم نُصْب عينيك: ما من يومٍ يُصبح العباد فيه؛ إلا وينزل ملكان من السماء، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا [2].