علاج القلق والهم:
من أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد شيء من النكبات: أن يسعى في تخفيفها؛ بأن يُقدِّر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويُوطِّن على ذلك نفسه، فإذا فعل ذلك فَلْيَسْعَ إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان. وبهذا التوطين وهذا السعي النافع تزول همومه وغمومه.
هذا الكلام ذكره الشيخ عبدالرحمن ابن سعدي -رحمه الله- في “الوسائل المفيدة للحياة السعيدة”، وقد صنف هذا الكتيب ليبين أسباب حصول السعادة، ومما ذكر[1]:
أن العبد إذا وقع في همٍّ أو غم أو مصيبة أو كُرْبة: عليه أولًا أن يوطن نفسه لتقبُّل أسوأ الاحتمالات؛ يعني: يُقدِّر ما أسوأ احتمال؟ ويوطن نفسه على تقبل ذلك الاحتمال.
ثم يفعل السبب في تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان، وبذلك يكون قد فعل ما عليه، وبذلك يزول عنه الهم والغم.
أما مَن يُضخِّم الأمر ويكبر الشيء؛ فإن الهم يزيد، وقد يتحول عنده إلى مرض نفسي.
لكن، المطلوب أن الإنسان إذا وقع في مصيبة أو في كُرْبة أو في أي أمر من الأمور التي تُحدِث له الهم: أن يقدر أسوأ الاحتمالات ويوطن نفسه على تقبلها، ويسعى لفعل الأسباب في تخفيفها. فهذه مما تزول بها الهموم والغموم.
مع اللجوء إلى الله في ذلك؛ فإن اللجوء إلى الله أمر عظيم، ومن ذلك أن يأتي بالأدعية التي تقال عند الكرب ونحو ذلك؛ كدعاء الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم[2]. وأيضًا: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين[3]؛ فإن هذا قاله يونس -عليه الصلاة والسلام-، قال الله تعالى: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88]؛ يعني: مَن أتى به وكان عنده غم يُذهب الله تعالى عنه غمه وهمه.