ننتقل للفائدة 922: لسان العاقل ولسان الجاهل.
قال الحسن: لسان العاقل مِن وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكَّر: فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت. وقلب الجاهل مِن وراء لسانه: فإن همَّ بالكلام تكلم به له أو عليه[1]. هذه المقولة من الحسن -الحسن البصري- الذي كان يقال: إن كلامه يشبه كلام الأنبياء.
كلام عظيم، يقول: لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكَّر؛ يعني: تبيَّن، فإن كان له قال، إن كان في صالحه تكلَّم، وإن كان عليه أو يخشى أن يلحقه ضرر في الدين أو في الدنيا من هذا الكلام سكت. بينما قلب الجاهل من وراء لسانه، فإن هَمَّ بالكلام تكلم به له أو عليه.
ولذلك؛ بعضهم يقول: أنا ما في قلبي أتكلم به، كل ما في قلبي على لساني. هذا غير صحيح، ليس كل ما في قلبك يكون على لسانك، بل ما وقع في قلبك تبيَّنْ فيه وتأمل: هل الكلام به فيه مصلحة أم لا؟ إن كان فيه مصلحة تكلَّمْ، وإن لم يكن فيه مصلحة أو قد يكون فيه مضرة عليك في أمور الدين أو الدنيا فلا تتكلم.
والكلمةُ الإنسانُ مسؤولٌ عنها مسؤوليةً عظيمة.
وتأملوا -أيها الإخوة- هذا الحديث العظيم الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما -وهما أصح كتابين بعد كتاب الله – يقول -عليه الصلاة والسلام-: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب[2].
سبحان الله! كلمة يتكلم بها الإنسان ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، وهي كلمة!
وأشد ما يكون الكلام: الكلام الذي فيه تألٍّ على الله ، أو فيه اعتراض على الله سبحانه، أو فيه منافاة للعبودية، أو فيه وقوع في أعراض الناس، خاصة إذا كان قذفًا؛ فإن إثمه عند الله عظيم جدًّا: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23]؛ يكون ملعونًا في الدنيا والآخرة، الذي يقذف غيره بتهمة هو منها بريء يكون مستحقًا للعنة في الدنيا والآخرة.
والكتاب كالجواب؛ من يكتب أيضًا مُحاسَب على ذلك.
فعلى هذا؛ ينبغي للإنسان أن يتبين في الكلام الذي يقوله والذي يكتبه، وأن يتقي الله .