وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد:30] المنافق لا بد أن يظهر في قوله وفعله ما يدل على نفاقه وما أَضْمَرَه، كما قال عثمان : “ما أَسَرَّ أحدٌ سريرةً إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه” [1].
وقد قال الله تعالى عن المنافقين: وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد:30]، وهذا جواب قسمٍ محذوفٍ، أي: والله لتعرفنهم في لحن القول، فمعرفة المنافق في لَحْن القول لا بد منها، أما معرفته بالسِّيما فموقوفةٌ على المشيئة.
ما أَسَرَّ أحدٌ سريرةً إلا ظهرتْ على صفحات وجهه وفلتات لسانه، وهذا أمرٌ معروفٌ من قديم الزمان، فما أَسَرَّ أحدٌ سريرةً إلا وتظهر عليه تلك السَّريرة؛ ولهذا ربنا سبحانه قال عن المنافقين: وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ يعني: لو أراد الله تعالى لَبَيَّن للنبي عليه الصلاة والسلام سِيمَا المنافقين وأشكالهم وهيئاتهم، ثم قال: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وأقسم جلَّ وعلا على ذلك ولم يُقيده بالمشيئة، أي: إن معرفة المنافق من لَحْن قوله أمرٌ لا بد منه، وهذا يظهر من كلامه، ويظهر من كتاباته، ويظهر من تصرفاته: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، كما أن المؤمن الصادق أيضًا يظهر عليه صدقه في كلامه وتصرفاته.
الحاشية السفلية
^1 | “الآداب الشرعية” لابن مفلح: 1/ 136. |
---|