logo
الرئيسية/مقاطع/الفرق بين البشارة والتهنئة

الفرق بين البشارة والتهنئة

مشاهدة من الموقع

مِن حسن الخلق والأدب: أن المسلم يبشِّر أخاه المسلم بما يسرُّه، ويهنئه كذلك بما يسره.

والفرق بين البشارة والتهنئة: أن البشارة يخبره بشيءٍ يسعده لم يعلم به، وأما التهنئة: فيهنئه بشيءٍ يسعده قد علم به؛ فلو أنك أخبرت مثلًا صديقًا لك: أبشرك أنه حصل لك كذا، ولم يعلم به؛ هذه تسمى بشارةً، لكن إذا كان علم به، اتصلت به وهنأته؛ هذه تسمى تهنئةً، وكلاهما من حق المسلم على المسلم؛ ولهذا جاء في قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا لما نزلت توبة الله تعالى عليهم، يقول كعب بن مالكٍ : "ركض رجلٌ على فرسٍ ليبشرني، وصعد رجلٌ على جبل سَلْعٍ ونادى بأعلى صوته: يا كعب بن مالكٍ أبشر، يا كعب بن مالكٍ أبشر! فكان الأسبق الصوت"، الصوت سبق الفرس، كلاهما يتسابقان كل يريد أن يبشر كعب بن مالكٍ.

انظر إلى حسن خلق الصحابة ، ثم انظر أيضًا إلى كعبٍ، يقول كعبٌ : "فلما أتى الذي بلغني صوته؛ نزعت له ثوبَيَّ فكسوتهما إياه، والله ما أملك غيرهما، واستعرت ثوبين، فلبستهما" [1]، هذه بشارةٌ.

قال: فأتيت النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة حوله فتلقاني الناس فوجًا فوجًا، يهنئونني بتوبة الله عليَّ، سبحان الله! الصحابة يهنئونه، يقولون: لِتَهْنِك توبة الله، لتهنك توبة الله! 

فعندنا في قصة كعبٍ بشارةٌ، وعندنا تهنئةٌ.

البشارة: هذان الرجلان اللذان بشرا كعبًا، لكن أحدهما كان على فرسٍ، والآخر صعد على الجبل ونادى، فأعطى البشارةَ للذي بلغه صوته.

والأمر الثاني: التهنئة، بقية الصحابة هنؤوا كعبًا، فهما بشارةٌ وتهنئةٌ، حصلتا في هذه القصة.

وأيضًا دلت هذه القصة على أنه يستحب لمن بُشر أن يعطي المبشِّر شيئًا هديةً ونحو ذلك، والعامة تسميها بُشَارةً، يقولون: أعطه بشارةً، يعني هذا موجودٌ؛ ولذلك موجودٌ زمن الصحابة؛ ولذلك كعب بن مالكٍ أعطى هذا الذي بشره ثوبيه، فهذا أيضًا يدخل في الأدب وفي كريم الخلق.

يعني ليس من الأدب: أن أخاك المسلم قريبًا لك، أو صديقًا لك، أو نحو ذلك، يكون له خبرٌ سعيدٌ، من مثلًا وظيفةٍ، من ترقيةٍ، من مثلًا: وُلد له مولودٌ، أي شيءٍ يسعد به، فينبغي أن تهنئه بذلك، وإذا كان لم يعلم بذلك؛ تبشره، فالبشارة والتهنئة كلاهما من مكارم الأخلاق.

^1 رواه البخاري: 4418، ومسلم: 2769.
zh