يا أهل الجنة، إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، أهل الجنة أجسادهم خلقت للبقاء، ولا يأتيها السقم ولا المرض؛ لأنها أجسادٌ خلقت للبقاء، فلا يمكن أن يرد إليها المرض، فالجنة ليس فيها أمراضٌ.
وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، الجنة ليس فيها موتٌ، لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى [الدخان:56]، يعني: موتة الدنيا، أما من يدخل الجنة، فالجنة يعيش فيها أبد الآباد.
وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، أهل الجنة يكونون شبابًا، فلا يهرمون أبدًا، يكونون شبابًا دائمًا، بخلاف الدنيا، الدنيا لا تستمر الحال، الشاب يهرم إن لم يتخطفه الموت قبل ذلك، وإلا إذا امتد به العمر؛ فإنه يهرم، بينما من في الجنة يكونون شبابًا فلا يهرمون أبدًا.
وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا، يعني: الجنة فيها نعيمٌ دائمٌ، وليس فيها بؤسٌ، لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا [مريم :62]، ليس فيها هَمٌّ ولا غمٌّ ولا حزنٌ ولا تعبٌ ولا نصبٌ ولا مرضٌ ولا هرمٌ ولا موتٌ، نعيمٌ دائمٌ؛ ولذلك إذا تذكر الإنسان هذا النعيم، واستحضر نعيم الجنة؛ هذا يدفعه لمزيدٍ من العمل، يجتهد في الطاعة حتى يدرك نعيم الجنة، ويغتنم هذا العمر، يغتنم ما تبقى من عمره في طاعة الله حتى يفوز بهذه الجنة، وهذا النعيم العظيم الذي لا يبأس معه أبدًا، فذلك قوله : وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون [الأعراف:43]، ذكرنا في الدرس السابق أن هذه الباء، ما نوعها بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون؟ سببيةٌ، وليست باء عوضٍ ومعاوضةٍ، يعني: بسبب عملكم، وإلا فلن يدخل أحدٌ الجنة بعمله، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لا يدخل الجنة بعمله؛ لأن نعيم الجنة دائمٌ، وعمل الإنسان قليلٌ، حتى لو كان طوال عمره ساجدًا لله لا؛ يستحق دخول الجنة بعمله؛ لأن الجنة نعيمها دائمٌ أبد الآباد، فلا أحد يستحق دخول الجنة بعمله، ولكن العمل سببٌ لدخول الجنة، ويدخل أهل الجنة الجنة بفضل الله ورحمته.
^1 | رواه مسلم: 2837. |
---|