logo
الرئيسية/مقاطع/معنى قول النبي ﷺ: "سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال.."

معنى قول النبي ﷺ: "سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال.."

مشاهدة من الموقع

قال: ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب، أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك[1].

قال قَبيصة: هم الذين ارتدُّوا على عهد أبي بكرٍ الصديق ؛ فإنه بعد وفاة النبي  ارتدَّ مَن ارتد مِن قبائل العرب، وحاربهم الصحابة في عهد الصديق[2].

فالمقصود بالمذكورين في الحديث: الذين ارتدوا وقُتلوا مرتدين؛ لأن هناك مَن ارتد ورجع إلى الإسلام وحسن إسلامه. ولكن المقصود بهم في هذا الحديث: من ارتدوا وقُتلوا مرتدين.

قال الخطابي -رحمه الله-[3]: لم يرتد أحدٌ من الصحابة، وإنما ارتد قومٌ من جُفَاة الأعراب ممن لا نصرة له في الدين، وذلك لا يُوجب قدحًا في الصحابة.

ومع ذلك هم قلةٌ؛ ويدل لذلك أنه جاء في بعض الروايات: فأقول: أُصَيْحَابي[4]. وهذا فيه إشارةٌ لقلة عددهم: فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك يعني: بعد وفاتك.

وهذا يدل على أن النبي بعد وفاته لا يعلم الغيب، والوحي قد انقطع بوفاته -عليه الصلاة والسلام-، وهو لا يدري ماذا يحصل بعده.

ولذلك؛ ما يذكره بعض الطوائف من أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يحضر، وأنه ربما يتحدث، وأنه ربما يقول كذا وكذا وينكر واقع الناس؛ كل هذه من الخرافات؛ النبي لا يدري ماذا حصل بعده، هو بشرٌ كسائر البشر، مات ولا يدري ماذا يحصل بعده؟

ولهذا؛ فهؤلاء الذين ارتدوا لم يعلم بهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: ويقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وهو -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب، ولا يدري ماذا حصل بعده؟

وهذا فيه ردٌّ على أولئك الخُرَافيين الذين يزعمون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول كذا، وأنه يحضر، وأنه يفعل كذا، وما يسمونه بالحضرة، وحضرة النبي -عليه الصلاة والسلام- في بعض المجالس وبعض الموالد. كل هذا من الخرافات التي يضحكون بها على السُّذَّج من الناس، وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قد انقطع الوحي بوفاته، ومات كما مات سائر البشر، ولا يدري ماذا يحصل بعده، ولا يعلم الغيب؛ ولذلك يقول: يقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. قال: فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ؛ يريد: عيسى -عليه الصلاة والسلام- وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ۝ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:117-118]. قال: فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم؛ يعني: هؤلاء الذين ارتدوا في زمن أبي بكرٍ الصديق .

^1 رواه البخاري: 4625، ومسلم: 2860.
^2 رواه البخاري: 3447.
^3 "أعلام الحديث": 3/ 1536.
^4 رواه البخاري: 6211، ومسلم: 2304.
zh