الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أن يوالي عليهم مواسم الطاعات؛ لرفعة درجاتهم، وزيادة حسناتهم. ومن ذلك شهر رمضان؛ فهو موسم من مواسم الطاعة، وما إن انقضى شهر رمضان إلا وأقبل وأطل علينا موسم جديد، وهو موسم عشر ذي الحجة التي هي أعظم وأفضل أيام السنة.
وهكذا تتوالى المواسم، وهي مواسم تجارة مع الله بالأعمال الصالحة، ويستعد لها المسلم بأن يخطط لاغتنام هذه المواسم الفاضلة، وهو ما يسميه السلف الصالح -يسمونه- "التخطيط والمشارطة للنفس"، فيرتب وقته، ويخطط لوقته، ويشارط نفسه على أن يستفيد من زمن هذه المواسم الفاضلة، وهذا حتى في أمور الدنيا؛ تجد أن التجار لهم مواسم يضاعفون فيها من جهدهم ومن نشاطهم بغية تحقيق مزيد من الربح، هكذا أيضًا في التجارة مع الله لها هذه المواسم.