هذه مقولة منسوبة لإبراهيم الحربي، نسبها ابن تيمية -رحمه الله-، يقول فيها: أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يُدرَك بالنعيم، ولا بد من الصبر في جميع الأمور، وأن الراحة لا تنال بالراحة[1].
يعني: أن من أراد النعيم ومن أراد الراحة؛ فلا بد أن يتكبد المصاعب والمشاقَّ. أما أنه يريد أن يكون متنعمًا ويحصل على نعيم؛ هذا لا يأتي.
من أراد الجنة فالجنة حُفَّت بالمكاره، إذا أردت نعيم الجنة فلا بد أنك تعمل لها؛ فإن الجنة حفت بالمكاره، طريق الجنة محفوف بالمكاره، فلا بد من العمل، ولا بد من الصبر.
فالنعيم لا يدرك بالنعيم، وإنما يدرك بالتعب والاجتهاد، حتى في أمور الدنيا: الشيء النفيس يحتاج إلى تعب ولا يأتي بسهولة؛ ولذلك تجد أن معظم التجار لم تأتهم تجارتهم بسهولة، إنما كابدوا في أول حياتهم، وتعبوا واجتهدوا وأتتهم مصاعب وعوائق ومشاق إلى أن كونوا هذه الثروة، هذا حتى في أمور الدنيا، وكذلك أيضًا في أمور الآخرة.
ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: حُفَّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات[2]؛ فطريق الجنة محفوف بالمكاره، لا بد من الصبر.
يا سلعة الرحمن لستِ رخيصة | بل أنت غالية على الكسلان[3] |
وبعض الناس تجد أنه عندما يؤمر بطاعة من الطاعات أو يُنهى عن معصية، يقول: لا تُشدِّدوا على الناس. طريق الجنة محفوف بالمكاره؛ يعني: ما معنى لا تشددوا على الناس؟! هل معنى ذلك أنك تريد أن تتفلت من الأوامر الشرعية، فطريق الجنة لا بد فيه من تحمل المشاق، وتحمل المصاعب والمتاعب، لا بد فيه من الصبر، هذه سنة الله في أمور الدنيا والآخرة: أن الشيء النفيس لا بد من التعب في تحصيله، فالنعيم لا يدرك بالنعيم، وإنما يدرك بالتعب وبالصبر وبالجد وبالاجتهاد، فلا بد من الصبر في جميع الأمور.