logo
الرئيسية/مقاطع/كيف يستقبل المسلم شهر رمضان؟

كيف يستقبل المسلم شهر رمضان؟

مشاهدة من الموقع

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذه الجمعة هي آخر جمعة في شهر شعبان، ونستقبل بعد أيام قلائل موسمًا عظيمًا من مواسم التجارة مع الله بالأعمال الصالحة، وقد جعله الله تعالى رحمة للمؤمنين؛ لرفعة درجاتهم، ومضاعفة حسناتهم، وتكفير سيئاتهم.

وإذا كان أرباب التجارة في الدنيا لهم مواسم يضاعفون فيها من الأرباح، هكذا أيضًا التجارة مع الله ​​​​​​​ بالأعمال الصالحة لها مواسم، ومن هذه المواسم هذا الموسم الذي نحن على أبوابه: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185].

والحقيقة أن الإنسان يعجب من سرعة مرور الليالي والأيام، كنا بالأمس القريب نودع شهر رمضان من العام المنصرم، وها نحن الآن نستقبل رمضان هذا العام. سبحان الله! الليالي والأيام تمر سريعًا، وتمضي جميعًا، ولا يبقى للإنسان إلا ما عمل.

ولذلك نقول: ينبغي أن يعتبر المسلم، انظر إلى ما مضى من حياتك كيف مر، واعلم بأن ما تبقى من عمرك سيمر بنفس السرعة التي مر بها ما مضى، والحياة فرصة واحدة غير قابلة للتعويض.

يعني: أمور الدنيا يمكن فيها التعويض، قد يخسر الإنسان صفقة تجارية، ويُعوِّض، قد يفشل في اختبار من اختبارات الدنيا، ويعوض.

لكن الحياة فرصة واحدة غير قابلة للتعويض، من نجح فيها فقد سعد السعادة العظيمة، ومن فشل فيها فقد خسر الخسارة العظيمة: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور [آل عمران:185]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. هذا هو الفوز العظيم، وهذه هي السعادة العظيمة.

وهذا الموسم الذي بين أيدينا لا يكفي فيه الأمنيات، بعض الناس يعيش في بحر الأمنيات، لا بد أن يكون هناك عمل، ولا بد أن يكون هناك ما يسميه السلف الصالح بـ”المشارطة للنفس”، ويسميه الناس بلغة العصر “التخطيط للوقت”.

يخطط الإنسان كيف يغتنم وقته في شهر رمضان في طاعة الله ؛ أولًا يستحضر أن هذا الشهر هو شهر عبادة، هذا الشهر شهر عبادة، شهر طاعة، شهر تزود بزاد التقوى، ليس شهر لغو، وليس شهر غفلة، وليس شهر مرح، وليس شهر –أيضًا- تَفَنُّنٍ في أصناف الطعام، هو شهر طاعة لله . ينبغي أن تكون حال المسلم في رمضان أفضل من حاله قبل رمضان، النبي كان أجود الناس لكن كان أجود ما يكون في رمضان، تكون حال المسلم في أفضل من حاله قبل رمضان، وكما ذكرت يعني يخطط لوقته في رمضان.

المقدم: على أن يشمل هذا التخطيط ماذا فضيلة الشيخ؟ لو وضعنا برنامجًا معينًا، مقترحات تنويرية لمن يريد أن يستغل هذا….

الشيخ: أولًا: المحافظة على الفرائض، الفرائض هذه لا بد من المحافظة عليها محافظة تامة، ابتداء بفريضة الصيام ، في الصيام يحرص على ألا يقع منه في صيامه معصية؛ لأن كل معصية تنقص من أجر الصائم.

الصلاة؛ يحافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة في المسجد.

الزكاة؛ يتفقد الأموال التي عنده، ويُخرج الزكاة فيما وجب فيه الزكاة منها.

وهكذا بقية الواجبات؛ إذا انتهى من الواجبات يستكثر من النوافل. ومجالات الخير كثيرة ومتنوعة ولله الحمد.

لكن يضع له خطة وآلية لضمان تنفيذها؛ على سبيل المثال: لو خطط أن يختم القرآن الكريم في شهر رمضان ثلاث مرات مثلًا؛ لنقول: ثلاث مرات، فمعنى ذلك أنه لا بد أن يقرأ كل يوم ثلاثة أجزاء حتى يحقق هذا الهدف، وإلا ما تحقق. وهكذا أيضًا -مثلًا- بعدما يُخرج الزكوات يضع له مبلغًا من المال يرصده لكي يتصدق به في وجوه الخير، في وجوه البر.

صلاة التراويح؛ مثلًا يعقد العزم على ألا تفوته ركعة واحدة من صلاة التراويح؛ لأن هذه العزيمة لها أثر في محافظته واستمراره عليها، تجد بعض الناس ينشط في بداية الشهر، ثم يفتر، أو يصلي بعض الركعات من صلاة التراويح، ثم يَخرج من المسجد؛ السبب أنه ليس عنده قوة عزيمة، عنده تردد، هذا التردد يسبب له كسلًا، يسبب له تثاقلًا. لكن، لو أنه رتب وقته ووضع خطة لاغتنام أيام وليالي هذا الشهر، فإنه سيعمل الكثير والكثير من الأعمال الصالحة.

وأيضًا أنا أنصح بالتخفف من مشاغل الدنيا في هذا الشهر، مشاغل الدنيا لا تنقضي، ما أن يفتح الإنسان على نفسه باب شغل وينفتح معه أبواب، كما قال الحسن وغيره.

فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان انقطع عن الدنيا، وتفرغ للآخرة، واعتكف في مسجده -عليه الصلاة والسلام- وانقطع عن الناس وعن المجتمع[1]، مجرد فقط أنه يصلي بالناس، وتفرغ للعبادة والطاعة.

أقول: المسلم ينبغي مع دخول هذا الشهر أن يتخفف من مشاغل الدنيا التي لا تنقضي، يخصص مزيدًا من الوقت للطاعة، للعبادة، لتلاوة القرآن، للذكر، للتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، والصدقات، وهكذا بقية الأعمال الصالحة. ومجالات الخير كثيرة ومتنوعة ولله الحمد والمنة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 1174.
مواد ذات صلة
zh