أما خروج المني فيفسد الصوم في قول عامة الفقهاء.
وأما خروج المذي؛ المذي -بالذال-: هو سائل لزج يخرج مع اشتداد الشهوة، يخرج من الرجل ومن المرأة جميعًا. واختلف الفقهاء في كون المذي مفسدًا للصوم على قولين:
- القول الأول: أن الصوم يَفسد بخروج المذي قياسًا على المني؛ ولقول النبي عن الرب في الحديث القدسي: يدع شهوته وطعامه[1]؛ قالوا: والمذي يدخل في الشهوة. وهذا هو المذهب عند المالكية والحنابلة[2].
- القول الثاني: أن خروج المذي لا يُفسد الصوم. وهذا هو مذهب الحنفية والشافعية؛ قالوا: لأن الأصل صحة الصوم، وليس هناك دليل يدل على أن خروج المذي يُفسد الصوم؛ ولأن النبي كان يُقبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم، كما في الصحيحين[3]. ولا شك أن التقبيل والمباشرة مَظِنة لخروج المذي؛ لأن المذي يخرج بغير اختيار الإنسان، وأحيانًا لا يشعر به[4].
ولأن هذه المسألة من المسائل التي يُبتلى بها كثيرٌ من الناس، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلو كان المذي يُفسد الصوم لَبيَّن هذا النبيُّ للأمة بيانًا واضحًا.
وهذا هو القول الراجح، واختاره ابن تيمية، واختاره من مشايخنا الشيخ عبدالعزيز ابن باز، والشيخ محمد ابن عثيمين، رحمة الله تعالى على الجميع. وهو القول الراجح: أن خروج المذي لا يُفسد الصوم.
وأما القياس على المني فهو قياس مع الفارق، بينهما فروق كثيرة، وأما حديث: يدع شهوته[5] المقصود بذلك الجماع.
وعلى هذا نقول: إن القول الراجح أن خروج المذي -بالذال- لا يُفسد الصوم.