الاعتكاف في اللغة:
يعني اللزوم، لزوم الشيء والإقامة عليه، العين والكاف والفاء تدل على اللزوم والحبس والإقامة: فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ [الأعراف:138]، وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25]؛ يعني: محبوسًا.
أما شرعًا؛ عرف بتعريفات كثيرة، من أحسنها: لزوم مسجد لعبادة الله تعالى، من شخص مخصوص، على صفة مخصوصة[1].
ويسمى الاعتكاف: جوارًا؛ ولذلك جاء في بعض الأحاديث أن النبي كان يجاور في العشر الأواخر[2].
ما معنى يجاور؟ يعني: يعتكف، والنبي اعتكف العشر الأوائل من رمضان طلبًا لليلة القدر، فقيل: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأواسط، فقيل: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأواخر[3] واستقر اعتكافه على العشر الأواخر من رمضان.
وفي سنة من السنوات أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعتكف في العشر الأواخر، وكان أزواجه يعتكفن معه، فأتت كل واحدة من زوجاته خباء، أتت الأولى ثم الثانية ثم الثالثة، وكل واحدة تقلد الأخرى وتتنافس معها، فدخل النبي المسجد، فقال: آلبِرَّ أردتن؟، ثم أمر بنزعها كلها، وقال: أنا لن أعتكف. ما اعتكف -عليه الصلاة والسلام- في العشر الأواخر ذلك العام، لكنه قضى ذلك فاعتكف العشر الأُوَل من شهر شوال قضاء[4].
والاعتكاف من الشرائع القديمة، والله تعالى يقول: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ [البقرة:125]، فيدل على أن الاعتكاف كان موجودًا في زمن إبراهيم، وأيضًا مريم -عليها السلام-: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا [مريم:17]، كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا [آل عمران:37]. فمريم، يعني: كانت معتكفة في المسجد.
والحكمة منه: أن يتفرغ المسلم للعبادة، وأفضله أن يكون في العشر الأواخر من رمضان.
قال:
الأصل في الاعتكاف أنه سنة، ولا يجب إلا في حالة واحدة؛ قال المصنف: