logo
الرئيسية/مقاطع/شرح قول المتنبي: “لولا المشقة ساد الناس كلهم..”

شرح قول المتنبي: “لولا المشقة ساد الناس كلهم..”

مشاهدة من الموقع

من حِكَم  أبي الطيب المتنبي:

يقول:

لولا المشقة ساد الناسُ كلهمُ الجود يُفقِر والإقدام قَتَّالُ[1]

“لولا المشقة”: هنا كلام المتنبي عن أمور الدنيا، يقول: أمور الدنيا لا بد فيها من مشقةٍ، معالي الأمور والمكارم لا بد فيها من مشقةٍ، وإلا لو لم يكن في الوصول لهذه المعالي مشقةٌ؛ “لساد الناس كلهم”: أصبح كل الناس سادةً، والواقع أن السادة قلةٌ في الناس.

ومثَّل المتنبي بمثالين، قال: “الجود يُفقِر”، يعني: من أراد أن يكون كريمًا جوادًا؛ لا بد أن يبذل هذا المال المحبوب في الكرم وفي الجود، وهذا قد يتسبب في فقره، ففيه مشقةٌ.

كذلك “الإقدام قَتَّال”، من أراد أن يكون شجاعًا ويوصف بالشجاعة؛ فلا بد أن يكون عنده إقدامٌ، وهذا الإقدام قد يتسبب في قتله، وهكذا أيضًا بقية الأمور التي في الدنيا، هذه من سنن الله أن كل شيءٍ نفيسٍ في الدنيا يعتريه مشقةٌ، لا يمكن أن يصل الإنسان إليه إلا بالمشقة.

العلم الذي هو أشرف صفةٍ في الإنسان، لا يستطيع الإنسان أن يصل إليه إلا بالمشقة، لا يستطاع العلم براحة الجسد.

المال كذلك، لا بد أن يجتهد الإنسان في الحصول عليه، وإن كان الله تعالى يقدر الرزق للإنسان، لكن لا بد أيضًا من أن يبذل السبب، وبذل السبب هذا يجد فيه مشقةً، بعض الناس يكون رزقه مثلًا في فلاحته في مزرعته، بعض الناس يكون رزقه في التعليم، بعض الناس يكون رزقه في الأعمال الحرفية، بعض الناس يكون رزقه في الغوص في البحر، بعض الناس يكون رزقه في السماء في الطائرات، وهكذا.

فإذنْ من سنن الله : أن من أراد أن ينال شيئًا من نفائس ومعالي الأمور؛ فلا بد أن يصحب ذلك مشقةٌ، يعني كما يقال: لا بد أن يخرج من دائرة الراحة، أما إذا أراد أن يبقى في دائرة الراحة؛ فإنه يكون بمعزلٍ عن الحصول على هذه المعالي والنفائس.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي للمعري: (ص 1085)، ط مركز الملك فيصل.
مواد ذات صلة
zh