هنا مسألةٌ: لو كان الإنسان لا يستطيع الحج، لكن وجد من يتكفل له ببذل الأجرة، فهل يجب عليه الحج؟
لا يجب عليه، حتى ولو بُذلت له الأجرة؛ لأن هذا البذل يُعتبر هبةً، وهذه الهبة قد يَلحقه بسببها المِنَّة، والإنسان لا يُلزم أن يكون تحت منة غيره، لكن لو أنه قَبِل هذا المال وحج به؛ صح حجه.
وهذا يدل على أن الإسلام يبني في المسلم معاني العزة؛ في الحج: إذا لـم يكن معه ما يحج به، فوَجَد له من يَهَب له أجرة الحج؛ لـم يلزمه أن يقبلها.
وكذلك في التيمم: إذا وجد من يهب له ماءً لكي يتوضأ به؛ لـم يلزمه أن يقبله، ويجوز له أن يعدل للتيمم؛ لأن الإنسان لا يُلزم أن يكون تحت منة غيره.
هذا الذي قد وَهَب أجرة الحج، أو هذا الذي قد وهب الماء للوضوء، قد يـمتـنُّ به على الموهوب يومًا من الأيام، والمنة أذًى نفسيٌّ شديدٌ، والإنسان لا يُلزم أن يكون تحت منة غيره.
لكن ما هو الأفضل؟ هل الأفضل إذا وُهبت له أو بُذلت له أجرة الحج أن يحج، أو ألا يحج؟
نقول: إذا كان متيقنًا من أن هذا الإنسان لن يمتنَّ عليه؛ فالأولى أن يقبل؛ كأن يكون مثلًا الذي وَهَب له هذا المال أباه أو أمه، ونحو ذلك؛ لأنه يكسب بذلك أعمالًا صالحةً، وأجورًا وثوابًا.
أما إذا كان يخشى من أن هذا الذي بذل له أجرة الحج قد يـمتن عليه يومًا من الأيام؛ فالأولى ألا يقبله، وأن ينتظر حتى ييسر اللّـه له مالًا يحج به.