الرئيسية/مقاطع/سبب نزول قول الله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} ومعنى قربه
|categories

سبب نزول قول الله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} ومعنى قربه

مشاهدة من الموقع

يقول ربنا سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186]، وإذا سألك: هذا يدل على أن هناك سؤالًا قد وقع؛ وذلك أن النبي أتاه رجلٌ فقال: يا رسول الله، أقريبٌ ربنا فنناجيه، أم بعيدٌ فنناديه؟ فنزلت الآية: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [1].

فكان الجواب بأن الله قريبٌ، والمقصود بالقرب هنا: القرب الحقيقي، على الوصف اللائق بالله ؛ لأن جميع صفات الله سبحانه الأصل أنها تُحمل على حقيقتها ولا تُؤوَّل، وهذا هو معتقد السلف وأهل السنة والجماعة؛ كصفة السمع والبصر واليد والرحمة وجميع صفات الله ، فمعتقد الصحابة والتابعين والسلف الصالح وأهل السنة والجماعة: أن صفات الله سبحانه على حقيقتها، لكنها على الوصف اللائق بالله سبحانه، ليست كصفات المخلوقين، فسَمْعُ الله ليس كسمع المخلوقين، وبصر الله ليس كبصر المخلوقين، ورحمة الله ليست كرحمة المخلوقين، وهكذا.

هكذا أيضًا نقول في القرب هنا، قرب الله ؛ لأن هناك من السلف من قال: إن المقصود بالقرب قرب الإجابة، هذا قولٌ عند السلف، ولكن الأقرب -والله أعلم- أن يقال: إنه قربٌ حقيقيٌّ، على الوجه اللائق بالله ، مع علوه علو ذاتٍ.

فالسلف يثبتون لله العلو بجميع أنواعه؛ علو الذات، وعلو القهر، وعلو القدر، وقد دل لهذا أدلةٌ كثيرةٌ، ليس هذا المقام مقام الحديث عنها، أدلةٌ من الكتاب ومن السنة وكذلك من إجماع الصحابة ، وكذلك من الفطرة والعقل، على إثبات صفة العلو لله علو الذات.

فعلى هذا نقول: إن القرب هنا هو قربٌ حقيقيٌّ، مع علو الله تعالى، مع إثبات صفة العلو، علو الذات لله ، والله سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، الله لا يشبهه شيءٌ من خلقه، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.

فتأمل قول الله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، أقوى التشبيه: أن تحذف الأدوات؛ مثلًا: فلانٌ أسدٌ، هذا أقوى ما يكون من التشبيه، أضعف منه: عندما يؤتى بأداةٍ واحدةٍ: كالأسد، الكاف، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، هنا أتى بالكاف والمِثل مع النفي، يعني: ليس كمثله شيءٌ ولو من وجهٍ بعيدٍ جل وعلا، فالله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

 

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه ابن جرير في تفسيره: 3/ 480.
مواد ذات صلة