الرئيسية/مقاطع/الحكمة من التدرج في فرضية الصيام
|categories

الحكمة من التدرج في فرضية الصيام

مشاهدة من الموقع

الحكمة من هذا التدرج: هي أن الصيام لما كان شاقًّا على النفوس، ونزل أيضًا غير مألوفٍ بالنسبة للناس وقت التشريع في ذلك الحين؛ فكان من حكمة الله أن يكون إيجاب هذا الأمر الشاق متدرجًا، وهذه هي حكمة الشريعة: التدرج في إيجاب بعض الأمور الشاقة.

وأيضًا: تحريم بعض الأمور التي ألفتها النفوس وأدمنت عليها؛ مثل الخمر، فالخمر لما أراد الله تعالى تحريمها؛ كان ذلك بالتدرج:

كان أولًا إشارةً لذلك: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل:67]، فوصف الرزق بالحسن، وسكت عن السكر.

ثم: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219].

ثم نزل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43].

ثم المرحلة الأخيرة: أن الله تعالى حرم الخمر: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90].

لماذا هذا التدرج؟ لأن القرآن نزل على قومٍ كان كثيرٌ منهم مدمنين لشرب الخمر، والمدمن لا يمكن قطعه عن الإدمان مباشرةً، فكانت الحكمة تقتضي التدرج معهم في ذلك.

فإذنْ حكمة الشريعة الإسلامية: هي التدرج في إيجاب الأمور الشاقة، أو في تحريم الأمور التي قد أدمنوا عليها وألفوها.

فالصيام إذنْ مر بهذه المراحل وبهذا التدرج: صيام عاشوراء، نسخ الوجوب [1]، ثم بعد ذلك التخيير بين الصيام والإطعام، ثم بعد ذلك نُسخ التخيير بإيجاب صيام رمضان عينًا [2].

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 عن ‌‌عائشة رضي الله عنها قالت: “كان يوم ‌عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم ‌عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه” رواه البخاري: 2002، ومسلم: 1125.
^2 عن سلمة ابن الأكوع   قال: “لما نزلت هذه الآية: وَعَلَى الَّذِينَ ‌يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] ‌كان ‌من ‌أراد ‌أن ‌يفطر ‌ويفتدي. حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها” رواه البخاري: 4507، ومسلم: 1145.
مواد ذات صلة