logo
الرئيسية/مقاطع/معنى قول النبي ﷺ: (لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق…)

معنى قول النبي ﷺ: (لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق…)

مشاهدة من الموقع

قوله عليه الصلاة والسلام: لا تسبوا أصحابي [1]، السب يشمل القدح، ويشمل اللعن، ويشمل القدح فيهم بأية صورةٍ من صور القدح.

وقوله: ولا نَصِيفه، أي: ولا نصفه؛ فإن النصف فيه أربع لغاتٍ كما قال النووي رحمه الله: “نِصْفٌ” بكسر النون، و”نُصفٌ” بضمها، و”نَصفٌ” بفتحها، و”نَصِيفٌ” بزيادة الياء [2]، وحكى هذه الأربع اللغات القاضي عياضٌ في “مشارق الأنوار” [3]، فيكون معنى: ولا نَصِيفه، أي: ولا نصفه.

وعلى هذا يكون معنى الحديث: لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا، ما أدرك في الفضل والإنفاق مثل إنفاق أَحَدٍ من الصحابة لمدٍّ أو نصف مدٍّ، هذا هو معنى هذا الحديث.

طيب لماذا كان هذا الفضل للصحابة ؟

أولًا: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فهذا فضل من الله .

ثانيًا: أن الصحابة أتوا في وقت ضرورةٍ وضيق حالٍ، ونصروا النبي وأيدوه، وحَمَوْه وجاهدوا معه، فقاموا بأمورٍ عظيمةٍ لم يقم بها من بعدهم، مع ما كان في أنفسهم من الإيمان الصادق والمحبة والخشوع والتواضع والإيثار والجهاد في سبيل الله ​​​​​​​.

هذا الحديث فيه فوائد:

  • الفائدة الأولى: تحريم سب الصحابة ، وأنه من فواحش المحرمات، سواءٌ مَن لابس الفتنة منهم أو غيره؛ وذلك لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون.
    قال القاضي عياضٌ: سب واحدٍ من الصحابة من المعاصي الكبائر، ومن فعل ذلك فإنه يعزَّر [4]؛ فإذنْ سب واحدٍ من الصحابة  كبيرةٌ من كبائر الذنوب.
  • وأيضًا سب الصحابة  أو سب بعضهم هذه من علامات أهل النفاق، ومن علامات أهل الزيغ والضلال، وأما المؤمنون الصادقون، فإنهم يعظّمون الصحابة ويجلونهم، ويعرفون قدرهم ومنزلتهم وعظيم شأنهم، أما من يقدح في الصحابة ، أو يقدح في بعضهم، فهذه علامةٌ على الزيغ وعلى الضلال وعلى النفاق.
  • أيضًا من الفوائد من هذا الحديث: أن الفضل والمنزلة عند الله  ليست من الأمور القياسية، بل محض فضلٍ يؤتيه الله من يشاء، فقد يعطي الله على عملٍ قليلٍ ما لا يُنال بالعمل الكثير، فهذا فضل الله، وفضل الله يؤتيه من يشاء، فلا يمكن لأحدٍ ممن جاء بعد الصحابة  أن يكون في منزلة الصحابة مهما عمل.
  • أيضًا من الفوائد: أن الإنفاق في وقت الحاجة أفضل من الإنفاق في غيره؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا؛ ما أدرك مد أحدهم ولا نَصيفه؛ لأن إنفاق الصحابة  كان في وقت الحاجة والمسغبة والضرورة؛ بخلاف إنفاق من جاء بعدهم.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 3673، ومسلم: 2540.
^2 شرح صحيح مسلم للنووي: (16/ 93).
^3 مشارق الأنوار: (2/ 15)، ط المكتبة العتيقة.
^4 ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم: (7/ 580)، ط دار الوفاء
مواد ذات صلة
zh