هل الحجامة وتحليل الدم يفسد الصوم؟

لقول النبي : أفطر الحاجم والمحجوم ^[2]، وهو حديثٌ صحيحٌ، رواه ثمانيةٌ وعشرون صحابيًّا؛ ولهذا قال الإمام أحمد: “أصح ما رُوي في الباب”، وقال ابن المَدِيني: “ليس في الباب أصح منه”، وهو صريحٌ في أن الحجامة تُفسد الصيام، والقول بأن الحجامة تُفسد الصيام من المفردات.

القول الثاني: أن الحجامة لا تُفسد الصيام، وهو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية، واستدلوا بأن النبي  احتجم وهو صائمٌ محرمٌ ^[3]، رواه البخاري.

والقول الراجح: أن الحجامة تُفسد الصيام؛ لحديث: أفطر الحاجم والمحجوم.

أما حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما، أن النبي  احتجم وهو صائمٌ ومحرمٌ، فالمحفوظ من الرواية: هو رواية مسلمٍ أنه احتجم وهو محرمٌ ^[4]، أما لفظة: “وهو صائم”، فغير محفوظةٍ، مع أن البخاري قد رواها، وهذه من الأحاديث التي أُخذت على البخاري، فالمحفوظ إذنْ: “احتجم وهو محرمٌ”.

وكما قال ابن القيم^[5]: حتى لو ثبتت، فيحتمل أنه كان صيام نافلةٍ، أو أنه كان في سفرٍ، يَرِد عليها عدة احتمالاتٌ، فلا تقف في مقابلة الحديث الصحيح الصريح: أفطر الحاجم والمحجوم.

القول الراجح إذنْ: أن الحجامة تفطِّر الصائم، ويقاس على ذلك من المسائل المعاصرة: تحليل الدم، إذا كان الدم المستخرج كثيرًا، في معنى دم الحجامة؛ فيفسد الصوم، أما إذا كان الدم المستخرج يسيرًا؛ مثل الدم المستخرج في تحليل السكر، أو عند قلع سنٍّ؛ فهذا لا يفسد الصوم، يعني مثلًا إذا كان أربعة (براويز) أو خمسةً، أربعة أنابيب..، قلت في درسٍ: أربعة براويز، فقال بعض الإخوة: ما معنى (البراويز)؟ أربعة أنابيب أو خمسةٌ، فهذا -مثلًا- كثيرٌ، هذا دمٌ كثيرٌ، هذا في معنى دم الحجامة، يفسد الصوم، لكن لو كان أنبوبًا واحدًا، أو مثلًا لأجل تحليل السكر، هذا قليلٌ، هذا لا يُفسد الصوم.