هذه مقولةٌ من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، في معرض بيان معيار التفاضل[1]:
فليس هناك في الإسلام معيارٌ للتفاضل بين البشر إلا معيارٌ واحدٌ، وهو التقوى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، وما عدا ذلك فليس لها قيمةٌ، وليست معيارًا للتفاضل، لا بالنَّسب، ولا بالحسب، ولا بالمال، ولا بأي معيارٍ آخر غير التقوى.
وليس في كتاب الله تعالى آيةٌ واحدةٌ مُدح فيها أحدٌ بنسبه، ولا ذُمَّ أحدٌ بنسبه، وإنـما المدح بالإيـمان والتقوى، والذم بالكفر والعصيان.
وقد جاء في “صحيح مسلمٍ” عن أبي هريرة : أن النبي قال: من أبطأ به عمله؛ لـم يسرع به نسبه [2]، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، وكما قال عليه الصلاة والسلام: إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم [3]، فالقلوب هي موضع نظر الله والعملُ، فهذا هو معيار التفاضل بين الناس: التقوى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.
والتفاخر بالأنساب والأحساب، هذه من خصال أهل الجاهلية، أبطلها الإسلام، فالناس سواسيةٌ، والبشر سواسيةٌ، لا فضل لبعضهم على بعضٍ إلا بالإيـمان والتقوى، هذا هو ميزان التفاضل في شريعة الله ؛ ولذلك فالنعرات التي تثار للتفاخر بالأنساب، أو بالأحساب، أو بالأعراق، أو بغير ذلك، كلها من أمور الجاهلية، أبطلها الإسلام، التفاضل بين الناس إنـما هو: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.