هذا القرآن العظيم، يقول عنه الوليد بن المغيرة الذي ذكر الله تعالى شأنه في سورة المدثر: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا [المدثر:11-13]، هذا الرجل من العرب الذين هم أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء، يقول لـمَّا قيل له: ماذا تقول في القرآن؟
قال: “سمعت كلامًا ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوةً، وإن عليه لطلاوةً، وإن أعلاه لـمُثمِرٌ، وإن أسفله لمغدقٌ، وإنه ليعلوا ولا يُعلَى عليه”[1]، لـمَّا قال هذا الكلام؛ قالوا: صبأ الوليد، ولئن صبأ لتصبأنَّ قريشٌ كلها، فقالوا للوليد: قل فيه؟ قال: ماذا أقول؟ لـم أجد شيئًا، لا هو بالشعر، ولا هو بكلام كاهنٍ، ولا كلام مجنونٍ، ماذا أقول فيه؟ قالوا: لا بد أن تقول فيه شيئًا، فذكر الله تعالى شأنه: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ [المدثر:18-23]، جعل يفكر ماذا يقول؟ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ [المدثر:24]، ما وجد شيئًا إلا أن قال: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، فتوعَّده الله : سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ [المدثر:26-27]، إلى آخر الآيات.
فانظروا إلى وصفه لهذا القرآن العظيم بـهذا الوصف وهو من أعداء النبي عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك وصفه بـهذا الوصف البديع!
الحاشية السفلية
^1 | تفسير القرطبي: (19/ 74)، ط دار الكتب المصرية. |
---|