logo
الرئيسية/مقاطع/حكم الوقف المؤقت

حكم الوقف المؤقت

مشاهدة من الموقع

أن يَقِفه على التأبيد، فلا يصح، وقفته شهرًا، أو إلى سنةٍ ونحوها.

الوقف المؤقت: هذا رجلٌ يقول: أنا عندي عقارٌ أريد أن أوقفه لمكتب الدعوة، أو لحلقة التحفيظ، لكن لمدة سنةٍ، أو لمدة خمس سنواتٍ، وقفٌ في هذه المدة ثم يرجع إليَّ، هذا يسميه العلماء: الوقف المؤقَّت، ما حكمه؟

  • القول الأول: أنه لا يصح، وهو قول الجمهور[1] ومنهم الحنابلة[2].
  • والقول الثاني: أنه يصح الوقف المؤقت، وهذا مذهب المالكية[3]، قالوا: ما المانع من صحته؟ كما أنه يصح الوقف مؤبَّدًا فيصح مؤقتًا.

والخلاف في هذه المسألة خلافٌ قويٌّ: فقول الجمهور له وجاهته؛ لأن ظاهر النصوص يقتضي التأبيد، والتأقيت ينافي التأبيد، وفي قصة عمر  أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث [4]، وهذا صريحٌ في التأبيد، ولـم يُنقل عن أحدٍ من الصحابة  أنه وقف وقفًا مؤقتًا.

لكن أيضًا قول المالكية له وجاهته، المالكية يقولون: تجري عليه أحكام الوقف ما دام في المدة التي وقفها، وقال: وقفٌ لمدة خمس سنواتٍ، خلال الخمس سنوات لا يُباع، ولا يُوهب، ولا يُورث، حكمه حكم الوقف، إذا انتهت الخمس سنواتٍ، يرجع لـما كان عليه قبل الوقف، ما المانع من هذا؟

وأنا وقت تأليف الكتاب قلت: الأقرب هو قول الجمهور، لكن بعد الاطلاع على هذه المسألة أكثر، ومناقشتها مع بعض طلبة العلم، الذي يظهر -والله أعلم- أن الأقرب هو قول المالكية؛ لأن الوقف المؤقت فيه منافع عظيمةٌ، وفيه فوائد، وفيه مصالح كبيرةٌ، بعض الناس إذا قيل له: يصح أن توقف وقفًا مؤقتًا سيتشجع، يقول: أنا أريد أن أوقف بيتي مثلًا لهذه الجهة، لمكتب الدعوة، أو لحلقة تحفيظٍ لمدة مثلًا خمس سنواتٍ، أو عشر سنواتٍ، لكن أريد أن يرجع لي بيتي بعد ذلك؛ ولأنه ليس هناك مانعٌ يـمنع من صحة الوقف المؤقت.

وما ذكره الجمهور، يقال: إن هذه الأحكام تنطبق على الوقف مدة كونه وقفًا، أما بعد انتهاء المدة فلا تنطبق، يعني: لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، نقول: طوال مدة الوقف لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، خلال هذه الخمس السنوات أو العشر السنوات، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، تنطبق عليه أحكام الوقف تـمامًا، لكن بعد هذه المدة يرجع لصاحبه ويتحرر من الوقف.

فالذي يظهر -والله أعلم- أن قول المالكية أقرب.

هذا الآن الأخ محمد يذكر قصة في هذا، يقول: أحد المـحسنين أعطانا أربع شققٍ في جمعية البر، أعطاهم هذه الشقق، وقال: لمدة خمس سنواتٍ، وهي وقفٌ، فعلى قول الجمهور أنه لا يصح، لكن على قول المالكية يصح، هذه الآن واقعة عينٍ أمامنا الآن، فالقول بالصحة فيه تشجيعٌ للمحسنين على أن يوقفوا هذه الأوقاف.

ثـم أيضًا الأهم من هذا كله: ما المانع من الصحة؟ كل أحكام الوقوف نقول: خلال هذه المدة تجري، خلال خمس سنواتٍ: لا يباع، لا يوهب، لا يورث، لكن بعد الخمس السنوات ترجع لصاحبها.

فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن قول المالكية في هذا أقرب، وأنه يصح الوقف المؤقت.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 التجريد للقدوري: (8/ 3790)، ط دار السلام، حاشية البجيرمي: (3/ 250)، ط دار الفكر.
^2 شرح منتهى الإرادات لابن النجار: (7/ 184)، ط مكتبة الأسدي.
^3 الإشراف على نكت مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب: (2/ 675)، ط دار ابن حزم.
^4 رواه البخاري: 2737، ومسلم: 1632.
مواد ذات صلة
zh